للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الأول: بيان مشروعية الدفاع عن العقيدة]

إن الدفاع عن العقيدة من أهم المهمات فهو نوع من أنواع الجهاد في سبيل الله، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وهو في مكة: {الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} [الفرقان: الآية ٥٢]، فهو جهاد بالحجة والبيان. وقال صلى الله عليه وسلم: " جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم" (١).

وسأنقل في هذا الفصل من كلام أهل العلم ما يبين مشروعية الدفاع عن العقيدة، والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة وكلام الصحابة والتابعين لهم بإحسان إلى عصرنا هذا.

قال الشيخ بكر أبو زيد - رحمه الله-: "فهذه أبحاث، من ضنائن العلم، وغواليه، لأنها تحمل إعلان الصوت الإسلامي عالياً، والقلم له راقماً، بإظهار شعار من شعائر علماء الأمة الإسلامية، وبيان وظيفة من وظائفهم الملية، وتقرير أصول من أصولها التعبدية هو: " مشروعية الرد على كل مخالف بمخالفته، وأخذه بذنبه، وإدانته بجريرته، "ولا يجني جانٍ إلا على نفسه".

كل هذا "لحراسة الدين" وحمايته من العاديات عليه، وعلى أهله، من خلال هذه "الوظيفة الجهادية" التي دأبها: الحنين إلى الدين، والرحمة بالإنسانية، لتعيش تحت مظلته: تكف العدوان، وتصد المعتدين، وتُقيم سوق الأمر بالمعروف، ورأسه "التوحيد"، والنهي عن المنكر وأصله "الشرك".

وتُقيمُ: طول الإسلام، وقوته، وظهوره، على الدين كله ولو كره المشركون، وتحطم الأهواء ولو كره المبتدعون، والفجور ولو كره الفاسقون، والجور ولو كره الظالمون.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- -رحمه الله تعالى- في بيان منزلة هذه الوظيفة: " فالمرصدون للعلم، عليهم للأمة حفظ الدين، وتبليغه، فإذا لم يبلغوهم علم الدين، أو ضيعوا حفظه، كان ذلك من أعظم الظلم للمسلمين، ولهذا قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة: ١٥٩]. فإن ضرر كتمانهم تعدى إلى البهائم وغيرها، فلعنهم اللاعنون حتى البهائم" (٢).


(١) سنن أبي داود: كتاب الجهاد، باب: كراهية ترك الغزو، رقم (٢٥٠٤).
(٢) مجموع الفتاوى: ٦/ ٣٤٧.

<<  <   >  >>