للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام: ١٥٩]، قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: " وكانوا شيعاً: أي فرقاً كأهل الملل والنحل والأهواء والضلالات فإن الله تعالى قد برأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مما هم فيه" (١).

ومن أخطر آثارها أنه إذا تأصلت مثل هذه المحدثات واتخذها بعض المنتسبين إلى الإسلام معقداً للولاء والبراء فضلوا بذلك عن جادة الحق، حدث الشرخ بين هذه الجماعة وبين جماعة الإسلام الأصيلة المتمسكة بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

ومن الآثار كذلك موت السنة وضياعها: فأنه لا تظهر بدعة إلا بموت سنة، ولا تظهر سنة إلا بذبول بدعة تعارضها، فعن عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: " ما يأتي على الناس عام إلا احدثوا فيه بدعة وأماتوا سنة حتى تحيا البدع وتموت السنن" (٢).

ومن الآثار كذلك: التفرق والتشرذم والخروج عن الجماعة: قال الله تعالى: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} [الأنعام: ٦٥]، قال مجاهد: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} "الأهواء المفترقة" (٣).

ومن الآثار كذلك: استحلال السيف في رقاب المسلمين واستباحة الأعراض والأموال المحرمة: فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض" (٤)، فلا يستغرب لمن انتحل البدعة وخالف السنة أن تكون أولى ثمار بدعته هذه استحلال السيف في رقاب أمة محمد صلى الله عليه وسلم كما حدث من الخوارج.

قال أيوب السختياني -رحمه الله - وكان يسمى أصحاب البدع خوارج، ويقول: " إن الخوارج اختلفوا في الاسم واجتمعوا على السيف" (٥).

إلى غير ذلك من الآثار التي تبين خطورة انتشار العقائد الباطلة على المجتمع المسلم.


(١) تفسير القرآن العظيم، لابن كثير: ٢/ ٢٠٤.
(٢) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم، لأبي القاسم هبة الله الحسن اللالكائي: ١/ ٩٢.
(٣) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لابن جرير الطبري: ٧/ ٢٥٦.
(٤) صحيح البخاري، كتاب الفتن، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "لا ترجعوا بعدي كفارا"، رقم (٧٠٧٧).
(٥) الاعتصام لأبي إسحاق الشاطبي: ١/ ٦٥.

<<  <   >  >>