للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد سار سلف الأمة على ذلك، فهذا أبو أمامة الباهلي رضى الله عنه يقول الحق، ويرحم الخلق، فإنه لما رأى سبعين رأساً من الخوارج، وقد جزت تلك الرؤوس ونصبت على درج دمشق، فقال رضي الله عنه إعلاماً بالحق: "سبحان الله، ما يصنع الشيطان ببني آدم، كلاب جهنم، شر قتلى تحت ظل السماء"، ثم بكى قائلاً: "بكيت رحمة لهم حين رأيتهم كانوا من أهل الإسلام" (١).

يقول ابن تيمية -رحمه الله-: " وأئمة السنة والجماعة وأهل العلم والإيمان فيهم العلم والعدل والرحمة، فيعلمون الحق الذي يكونون به موافقين للسنة، سالمين من البدعة ويعدلون على من خرج منها ولو ظلمهم، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: ٨]، ويرحمون الخلق، فيريدون لهم الخير والهدى والعلم، لا يقصدون الشر لهم ابتداء، بل إذا عاقبوهم، وبينوا خطأهم وجهلهم وظلمهم، كان قصدهم بذلك بيان الحق ورحمة الخلق" (٢).


(١) الاعتصام للشاطبي: ١/ ٧١ - ٧٣.
(٢) تلخيص كتاب الاستغاثة المعروف بالرد على البكري، لشيخ الإسلام ابن تيمية: ٢٥٧.

<<  <   >  >>