ومنه زيداً مررت به، وعمراً لقيت أخاه، وبشراً ضربت غلامه، بإضمار جعلت على طريقي ولا بست وأهنت قال سيبويه: النصب عربي كثير والرفع أجود.
النصب اختياراً ولزوماً:
ثم إنك ترى النصب مختاراً ولازماً. فالمختار في موضعين أحدهما أن تعطف هذه الجملة على جملةٍ فعلية كقولك لقيت القوم حتى عبد الله لقيته، ورأيت عبد الله وزيداً مررت به، وفي التنزيل:" يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذاباً أليماً ". ومثله:" فريقاً هدى وفريقاً حق عليهم الضلالة ". فأما إذا قلت زيداً لقيت أخاه وعمراً مررت به ذهب التفاضل بينب رفع عمرو ونصبه لأن الجملة الأولى ذات وجهين، فإن اعترض بعد الواوما يصرف الكلام إلى الإبتداء كقولك لقيت زيداً وأما عمر فقد مررت به، ولقيت زيداً وإذا عبد الله يضربه عمرو، وعادت الحال الأولى جذعة.
وفي التنزيل:" وأما ثمود فهديناهم ". وقرئ بالنصب.
والثاني أن يقع موقعاً هو بالفعل أولى وذلك أن يقع بعد حرف الإستفهام كقولك أعبد الله ضربته:، ومثله آلسوط ضرب به عمرو، وآلخوان أكل عليه اللحم، وأزيداً أنت محبوس عليه، وأزيداً أنت مكابر عليه، وأزيداً سميت به. ومنه أزيداً ضربت عمراً وأخاه، وأزيداً ضربت رجلاً يحبه؛ لأن الآخر ملتبس بالأول بالعطف أو بالصفة. فإن قلت أزيد ذهب به فليس إلا بالرفع، وأن يقع بعد إذا وحيث كقولك إذا عبد الله تلقاه فأكرمه وحيث زيداً تجده فأكرمه، وبعد حرف النفي كقولك ما زيداً ضربته وقال جرير:
فلا حسباً فخرت به لتيم ... ولا جداً إذا ازدحم الجدود