وفد عبد الله بن جعفر الطيار رضي الله عنهما على يزيد بن معاوية فقال له الخليفة: كم كان أمير المؤمنين يعطيك يعني أباه. قال: كان رحمه الله يعطيني ألف ألفَ درهم قال " يزيد " قد أمرنا لك بمثل ذلك وزودناك لترحمك عليه ألفَ ألف فقال بأبي أنت وأمي، فجزاك الله عني خيراً فقال: ولهذه ألف ألفْ فقال: أما إني لا أقولها لأحد بعدك. قال: ولهذه ألفُ ألف. " قال ما يمنعني من الإطناب في وصفك إلا الإشفاق عليك من جودك قال: " ولهذه ألفُ ألف. وحمل المال كله معه. فقيل له: يا أمير المؤمنين فرقت مال المسلمين على رجل واحد. قال: إنما فرقته على أهل المدينة أجمعين. ثم وكل به من يعلم خبره من حيث لا ينظر، فصحبه. فلما دخل المدينة فرق فيها تلك الأموال حتى احتاج بعد شهر إلى القرض.
[حكاية]
سأل عبد الملك بن مروان أسماء بن خارجة بلغني عنك خصال فحدثني بها قال: " يا أمير المؤمنين هي من غيري أحسن منها مني. قال: عزمت عليك إلا حدثتني بها فقال: يا أمير المؤمنين ما مددت رجلي بين يدي جليس لي قط، ولا صنعت طعاماً فدعوت إليه قوماً إلا كانوا بإجابتي أمن عليّ مني عليهم، ولا نصب لي رجل وجهه قط يسألني حاجة فاستكثرت شيئاً أعطيه إياه.
[حكاية]
وأخبر الفضل الضبي قال: وفد ابن المولى على يزيد بن حاتم المهلبي وقد مدحه بقصيدته التي يقول فيها:
يا واحد العرب الذي ... أضحى وليس له نظير
لو كان مثلك آخر ... ما كان في الدنيا فقير
فدعا بخازنه وقال: كم في بيت المال؟ فقال: فيه من الورق والعين بقيمة عشرين ألف دينار، فقال له: ادفعها إليه، ثم قال له: يا أخير المعذرة إلى الله وإليك لو كان في ملكي أكثر من هذا لما احتجته.
[حكاية]
وروي عن لقيط قال: وقف موسى شهوات ليزيد بن خالد بن يزيد ابن معاوية على بابه بدمشق وكان فتى جواداً سمحاً فلما ركب وثب إليه وأخذ بعنان دابته وقال:
قم فصوت إذا أتيت دمشقاً: ... يا يزيد بن خالد بن يزيد
يا يزيد بن خالد إن تجبني ... يلقني طائري بنجم السعود
فأمر له بخمسة آلاف درهم وكسوة وقال له كلما شئت فنادنا فإنا نجيبك.
[حكاية]
وروي عن حكم الوادي قال: أدخلني عمر الوادي على يزيد وهو على حمار وعليه جبة وشي ورداء وشي وخفا وشي وفي يده عقد جوهر وفي كمه شيء لا أدري ما هو. فقال من غناني ما أشتهي فله ما في كمي وما علي وما معي وما تحتي يعني الحمار، فغنوه كلهم فلم يطرب. ثم قال لي: عن يا غلام فغنيت:
إكليلها ألوان، ووجهها فتان ... وخالها فريد، ليس له جيران
إذا مشت تثنى كأنها ثعبان
فطرب وأخرج ما في كمه فإذا كيس فيه ألف دينار فرمى به إلي مع عقد الجوهر. فلما دخل بعض إلي بالحمار وجميع ما كان عليه.
[حكاية]
وحدث إبراهيم بن خلف قال: بينا أبو دلف يسير مع أخيه معقل ابن عيسى وهما إذ ذاك بالعراق إذ مرا بقصر فأشرف منه جاريتان، فقالت إحداهما للأخرى هذا أبو دلف الذي يقول فيه الشاعر:
إنما الدنيا أبو دلف ... بين باديه ومحتضره
فإذا ولى أبو دلف ... ولت الدنيا على أثره
فقال الأخرى: أو هذا هو؟ قد كنت والله أحب أن أراه، منذ سمعت ما قيل فيه، فالتفت أبو دلف إلى معقل فقال: ما أنصفنا علي بن جبلة ولا وفيناه حقه وإن ذلك لمن كبير همي وكان أعطاه ألف دينار.
[حكاية]
وحدث إبراهيم بن أحمد قال: قدم أمية بن أبي الصلت مكة على عبد الله بن جدعان، فلما دخل عليه قال له عبد الله: أمر ما جاء بك فقال أمية: كلاب غرمائي قد نبحتني ونهشتني فقال له عبد الله: قدمت علي وأنا عليل من ديون لزمتني، فأنظرني قليلاً يجم ما في يدي، وقد ضمنت قضاء دينك ولا أسأل عن مبلغه، فأقام أمية أياماً وأتاه فقال:
أأذكر حاجتي أم قد كفاني ... حياؤك إن شيمتك الحياء؟
وعلمك بالأمور وأنت قرم ... لك الحسب المهذب والثناء
كريم لا يغيره صباح ... عن الخلق الجميل ولا ماء
تباري الريح مكرمة وجوداً ... إذا ما الكلب أجحره الشتاء
إذا أثنى عليك المرء يوماً ... كفاه من تعرضه الثناء
إذا خلفت عبد الله فاعلم ... بأن القوم ليس لهم جزاء
فأرضك كل مكرمة بناها ... بنو تميم وأنت لها سماء