كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْكَلامِ فِي الصَّلاةِ، ثُمَّ نُسِخَ، وَلَوْلا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَسَائِرُ الْقَوْمِ لِيَتَكَلَّمُوا، مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّ الصَّلاةَ لَمْ تَقْصَرْ، وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِمْ مِنَ الصَّلاةِ شَيْءٌ، وَلا وَجْهَ لِهَذَا الْكَلامِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ تَحْرِيمَ الْكَلامِ فِي الصَّلاةِ كَانَ بِمَكَّةَ، وَحُدُوثُ هَذَا الأَمْرِ إِنَّمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ، لأَنَّ رِوَايَةَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَهُوَ مُتَأَخِّرُ الإِسْلامِ، وَقَدْ رَوَاهُ عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ، وَهِجْرَتُهُ مُتَأَخِّرَةٌ.
وَأَمَّا كَلامُ الْقَوْمِ، فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُمْ أَوْمَئُوا، أَيْ: نَعَمْ، وَلَوْ صَحَّ أَنَّهُمْ قَالُوهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ، فَكَانَ ذَلِكَ جَوَابًا لِلرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِجَابَةُ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلاةِ لَا تُبْطِلُ الصَّلاةَ، لِمَا رُوِيَ أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ فِي الصَّلاةِ، فَدَعَاهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ فِي الصَّلاةِ، فَقَالَ لَهُ: " أَلَمْ تَسْمَعِ اللَّهَ يَقُولُ: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الْأَنْفَال: ٢٤]، يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّكَ تُخَاطِبُهُ فِي الصَّلاةِ بِالسَّلامِ، فَتَقُولُ: السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، وَمِثْلُ هَذَا الْخَطَّابِ مَعَ غَيْرِهِ يُبْطِلُ الصَّلاةَ.
وَأَمَّا ذُو الْيَدَيْنِ، فَكَلامُهُ كَانَ عَلَى تَقْدِيرِ النَّسْخِ، وَقِصَرِ الصَّلاةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute