للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْبَقَرَة: ٢٨٣] وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَ {فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا} [النِّسَاء: ١٣٥] أَيْ: لَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى فِرَارًا مِنْ إِقَامَةِ الشَّهَادَةِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: لَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى لِتَعْدِلُوا، كَمَا يُقَالُ: لَا تتَّبِعَنَّ الْهَوَى لِتُرْضِيَ رَبَّكَ، أَيْ: أَنْهَاكَ عَنْهُ لِتُرْضِي رَبَّكَ.

فَأَمَّا إِذَا دُعِيَ لِلتَّحَمُّلِ، وَثَمَّ مَنْ يَتَحَمَّلُهَا، فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُجِيبَ إِلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ وَلا يَجِب، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَتَحَمَّلُهَا، فَعَلَيْهِ الإِجَابَةُ إِلَيْهِ، وَهُوَ مِنْ بَابِ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ كَرَدِّ السَّلامِ، وَالصَّلاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ، وَالْجِهَادِ.

وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ: «يَشْهَدُونَ وَلا يُسْتَشْهَدُونَ» أَرَادَ بِهِ شَهَادَةَ الزُّورِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: «يَحْلِفُونَ وَلا يُسْتَحْلَفُونَ» أَرَادَ أَنْ يَحْلِف عَلَى شَيْءٍ هُوَ فِيهِ آثِمٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: «ثُمَّ يَفْشُوا الْكَذِبُ» وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ الشَّهَادَاتِ الَّتِي يَقْطَعُ بِهَا عَلَى الْمُغَيَّبِ، فَيُقَالُ: فُلانٌ فِي الْجَنَّةِ، وَفُلانٌ فِي النَّارِ، وَفِيهِ مَعْنَى التَّأَلِّي عَلَى اللَّهِ، وَقَدْ زُجِرَ عَنْهُ.

قَالَ الإِمَامُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الأَوَّلَ فِيمَا يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ، مِنَ الزَّكَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ، وَرُؤْيَةِ هِلالِ رَمَضَانَ، وَالْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَالطَّلاقِ، وَالْعِتَاقِ، وَنَحْوِهَا.

وَقَوْلُهُ: «يَشْهَدُونَ وَلا يُسْتَشْهَدُونَ» فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ مِنَ الْبُيُوعِ، وَالأَقَارِيرِ، وَالْقِصَاصِ، وَحَدِّ الْقَذْفِ، وَنَحْوِهَا، فَلا تَصِحُّ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ فِيهِ إِلا بَعْدَ تَقَدُّمِ الدَّعْوَى، وَمُسَأَلَةِ الْحَاكِمِ شَهَادَتَهُ بَعْدَ طَلَبِ الْمُدَّعِي.

بَابُ الْيَمِينِ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ

٢٥١٤ - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَنا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْجُلُودِيُّ، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ مُسْلِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>