رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ».
أَرَادَ بِاللَّيِّ: الْمُطِلَّ، يُقَالُ: لَوَاهُ حَقَّهُ لَيًّا وَلَيَّانًا، أَيْ: مَطَلَهُ، وَالْوَاجِدُ: الْغَنِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: «يُحِلُّ عِرْضَهُ»، أَي: يُغْلِظُ لَهُ وَيُنْسِبُهُ إِلَى سُوءِ الْقَضَاءِ، وَيَقُولُ لَهُ: إِنَّكَ ظَالِمٌ وَمُتَعَدٍّ، وَعُقُوبَتُهُ: أَنْ يُحْبَسَ لَهُ حَتَّى يُؤَدِّي الْحَقَّ.
فَأَمَّا الْمُعْسِرُ، فَلا حَبْسَ عَلَيْهِ، بَلْ يُنْظَرُ، لأَنَّهُ غَيْرُ ظَالِمٍ بِالتَّأْخِيرِ، فَلا يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ.
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَطْلُ الْغَنيُّ ظُلْمٌ»، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ.
وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَخْفِيهِ، حُبِسَ وَعُزِّرَ، حَتَّى يُظْهِرَ مَالَهُ، وَإِنِ ادَّعَى هَلاكَ مَالِهِ لَمْ يُقْبَلْ حَتَّى يُقِيمَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ، فَإِنْ لَمْ يُقِمِ الْبَيِّنَةَ حُبِسَ، وَلا غَايَةَ لِحَبْسِهِ أَكْثَرَ مِنَ الْكَشْفِ عَنْهُ، فَمَتَى ظَهَرَ لِلْحَاكِمِ عُدْمُهُ خَلَّى سَبِيلَهُ، وَرُوِيَ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَبَسَ رَجُلا فِي تُهْمَةٍ».
وَرُوِيَ «أَنَّهُ حَبَسَهُ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ثُمَّ خَلَّى سَبِيلَهُ».
وَذَهَبَ شُرَيْحٌ إِلَى أَنَّ الْمُعْسِرَ يُحْبَسُ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ.
بَابُ ثَوَابِ مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا
قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [الْبَقَرَة: ٢٨٠] أيْ: يَسَارٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute