هَؤُلاءِ بِقَوْلِهِ: «إِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلى مَلِيءٍ» وَالْحِوَالَةُ تَصِحُّ عَلَى غَيْرِ الْمَلِيءِ، فَفَائِدَةُ ذِكْرِ الْمَلاءَةِ فِي الْحَدِيثِ سُقوطُ سَبِيلِ الْمُحْتَالِ عَلَى الْمَحِيلِ بَعْدَ مَا قَبِلَ الْحِوَالَةَ عَلَى مَنْ هُوَ مَلِيءٌ، وَلَا يُنْظَرُ إِلَى حُدُوثِ الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ مِنْ بَعْدُ، لأَنَّ الدَّيْنَ قَدْ تَحَوَّلَ مِنْ ذِمَّةِ الْمَحِيلِ إِلَى ذِمَّةِ الْمُحَالُ عَلَيْهِ، وَسُمِّيَتْ «الْحِوَالَةُ» لِهَذَا.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ يرجع على الْمُحِيل إِذا أفلس الْمحَال عَلَيْهِ أَوْ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَمَرَهُ بِأَنْ يَتْبَعَ الْمُحَالَ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ مَلِيئًا، فَثَبَتَ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَلِيئًا يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ، وَالأَوَّلُ أَوْلَى، لأَنَّهُ إِنَّمَا اشْتَرَطَ الْمَلاءَةَ وَقْتَ الْحِوَالَةِ لَا فِيمَا بَعْدَهَا، وَقِيلَ: إِنْ أَفْلَسَ فِي حَيَاتِهِ، لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ، لأَنَّ الْمُعْسِرَ قَدْ يُوسَرُ، وَإِذَا مَاتَ، وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً، يَرْجِعُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَتَخَارَجَ الشَّرِيكَانِ وَأَهْلُ الْمِيرَاثِ، فَيَأْخُذُ هَذَا عَيْنًا وَهَذَا دَيْنًا فَإِنْ تَوَى لأَحَدِهِمَا، لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ.
بَابُ ضَمَانِ الدَّيْنِ
٢١٥٣ - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ، فَقَالُوا: صَلِّ عَلَيْهَا، فَقَالَ: «هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟»، قَالُوا: لَا، قَالَ: «هَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟» قَالُوا: لَا فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute