وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ مَنْ عَضَّ رَجُلا، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ سَبِيلٌ إِلَى الْخَلاصِ مِنْهُ إِلا بِقَلْعِ سِنِّهِ، أَوْ قَصَدَ نَفْسَهُ، فَلَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعهُ إِلا بِالْقَتْلِ، فَقَتَلَهُ، يَكُونُ دَمُهُ هَدَرًا، لأَنَّهُ هُوَ الَّذِي اضْطَرَّهُ إِلَى ذَلِكَ، وَمَنْ جَنَى عَلَى نَفْسِهِ، لَا يُؤَاخِذُ بِهَا غَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَصَدَ رَجُلٌ الْفُجُورَ بِامْرَأَةٍ، فَدَفَعَتْهُ عَنْ نَفْسِهَا، فَقَتَلَتْهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا، رُفِعَ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَارِيَةً كَانَتْ تَحْتَطِبُ، فَاتَّبَعَهَا رَجُلٌ، فَرَاوَدَهَا عَنْ نَفْسِهَا، فَرَمَتْهُ بِفِهْرٍ، أَوْ حَجَرٍ فَقَتَلَتْهُ، فَقَالَ عُمَرُ: «هَذَا قَتِيلُ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَا يُودَى أَبَدًا».
وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ لَوْ قَصَدَتْ بَهِيمَةٌ رَجُلا، فَقَتَلَهَا فِي الدَّفْعِ، لَا ضَمَانَ عَلَى الدَّافِعِ عِنْدَ الأَكْثَرِينَ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى وُجُوبِ ضَمَانِ الْبَهَائِمِ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى إِبَاحَةِ الدَّفْعِ وَالْقَتْلِ، وَإِذَا صَارَ قَتْلُهَا مُبَاحًا لِتَعَدِّيهَا بِالصِّيَالِ، فَوَجَبَ أَنْ يَسْقُطَ ضَمَانُهَا كَمَا فِي الآدَمِيِّ.
بَابُ مَنْ نَظَرَ فِي بَيْتَ إِنْسَانٍ فَرَمَاهُ فَأَصَابَ عَيْنَهُ
٢٥٦٧ - أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، وَأَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، قَالا: أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَعْقِلٍ الْمَيْدَانِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ.
ح، وَأَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute