وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الاسْتِثْنَاءَ إِذَا كَانَ مَوْصُولا بِالْيَمِينِ، فَلا حِنْثَ عَلَيْهِ، وَلا فَرْقَ بَيْنَ الْيَمِينِ بِاللَّهِ، أَوْ بِالطَّلاقِ وَالْعِتَاقِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَقَالَ مَالِكٌ، وَالأَوْزَاعِيُّ: إِذا حلف بِطَلَاق أَو عتق، فالاستثناء لَا يُغْنِي عَنْهُ شَيْئًا، وَيَقَعُ الطَّلاقُ وَالْعِتَاقُ.
وَقَالَ أَصْحَابُ مَالِكٍ: الاسْتِثْنَاءُ إِنَّمَا يَعْمَلُ فِي يَمِينٍ يَدْخُلُهَا الْكَفَّارَةُ.
حَتَّى قَالَ مَالِكٌ: إِذَا حَلَفَ بِالْمَشْيِ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، وَاسْتَثْنَى، فَاسْتِثْنَاؤُهُ سَاقِطٌ، وَالْحِنْثُ لَهُ لازِمٌ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الاسْتِثْنَاءِ إِذَا كَانَ مُنْفَصِلا عَنِ الْيَمِينِ، فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ إِلا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْيَمِينِ وَالاسْتِثْنَاءِ سَكْتَةٌ يَسِيرَةٌ كَسَكْتَةِ الرَّجُلِ لِلتَّذَكُّرِ، أَوْ لِلْعَيِّ، أَوْ لِلتَّنَفُّسِ، فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ، أَوِ اشْتَغَلَ بِكَلامٍ آخَرَ بَيْنَهُمَا، ثَمَّ اسْتَثْنَى، فَلا يَصِحُّ.
وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الاسْتِثْنَاءَ جَائِزٌ مَا دَامَ فِي الْمَجْلِسِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ طَاوُسٍ، وَالْحَسَنِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ، أَوْ يَقُمْ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَا دَامَ فِي ذَلِكَ الأَمْرِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَهُ الاسْتِثْنَاءُ بَعْدَ حِينٍ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: بَعْدَ سِنِينَ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.
بَابُ النَّذْرِ وَلُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ إِذَا كَانَ فِي طَاعَةٍ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الْإِنْسَان: ٧].
٢٤٤٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الأيلِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ،