وَلا بَعْدَمَا صَلَّى الْعَصْرَ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ.
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِمَا قَضَاءَ الْفَرَائِضِ، فَأَمَّا مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ الصُّبْحِ أَوْ وَقْتُ الْعَصْرِ، فَقَضَى فَرْضًا، أَوْ صَلَّى تَطَوُّعًا قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَرْضَ الْوَقْتِ، فَجَائِزٌ بِالاتِّفَاقِ.
وَأَمَّا حَالَةُ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَحَالَةُ الاسْتِوَاءِ، وَحَالَةُ الْغُرُوبِ، فَاخْتَلَفُوا فِي قَضَاءِ الْفَرَائِضِ فِيهَا، فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى جَوَازِهِ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَحَمَّادٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَقَالُوا: النَّهْيُ عَنْ تَطَوُّعٍ يَبْتَدِئُهُ الإِنْسَانُ مُخْتَارًا، وَكَذَلِكَ جَوَّزَ الشَّافِعِيُّ فِيهَا كُلَّ تَطَوُّعٍ لَهُ سَبَبٌ مِنْ قَضَاءِ سُنَّةٍ، أَوْ وِرْدٍ، أَوْ تَحِيَّةِ مَسْجِدٍ إِنِ اتَّفَقَ دُخُولُهُ، أَوْ صَلاةِ خُسُوفٍ إِنْ وُجِدَ فِيهَا.
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ الثَّلاثَةِ فَرْضًا وَلا غَيْرَهُ إِلا حَالَةَ الْغُرُوبِ يَجُوزُ عَصْرُ يَوْمِهِ فَحَسْبُ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ نَامَ عَنْ صَلاةِ الْعَصْرِ، فَاسْتَيْقَظَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَالأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ يُصَلِّيهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي صَلاةِ الْجِنَازَةِ فِي هَذِهِ الأَوْقَاتِ الثَّلاثَةِ، فَأَجَازَ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ «كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ إِذَا صُلِّيَتَا لِوَقْتِهِمَا، وَلا يُصَلِّي عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَلا غُرُوبِهَا».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute