للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نُفِسَتِ الْمَرْأَةُ وَنَفِسَتْ: إِذَا وَلَدَتْ، فَإِذَا حَاضَتْ، قُلْتُ: نَفِسَتْ بِفَتْحِ النُّونِ لَا غَيْرَ.

قَوْلُهُ: «مُيَسَّرٌ»، أَيْ: مُهَيَّأٌ وَمَصْرُوفٌ إِلَيْهِ.

ذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ كَلامًا مَعْنَاهُ، قَالَ: قَوْلُهُمْ: «أَفَلا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ»؟ مُطَالَبَةً مِنْهُمْ بِأَمْرٍ يُوجِبُ تَعْطِيلَ الْعُبُودِيَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّ إِخْبَارَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سَابِقِ الْكِتَابِ إِخْبَارٌ عَنْ غَيْبِ عِلْمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِيهِمْ، وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ، فَرَامَ الْقَوْمُ أَنْ يَتَّخِذُوهُ حُجَّةً لأَنْفُسِهِمْ فِي تَرْكِ الْعَمَلِ، فَأَعْلَمَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَهُنَا أَمْرَيْنِ لَا يُبْطِلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ: بَاطِنٌ: هُوَ الْعِلَّةُ الْمُوجِبَةُ فِي حُكْمِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَظَاهِرٌ: هُوَ السِّمَةُ اللازِمَةُ فِي حَقِّ الْعُبُودِيَّةِ، وَهُوَ أَمَارَةٌ مُخِيلَةٌ غَيْرُ مُفِيدَةٍ حَقِيقَةَ الْعِلْمِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، إِنَّمَا عُومِلُوا بِهَذِهِ الْمُعَامَلَةِ، وَتَعَبَّدُوا بِهَذَا التَّعَبُّدِ، لِيَتَعَلَّقَ خَوْفُهُمْ بِالْبَاطِنِ الْمُغَيَّبِ عَنْهُمْ، وَرَجَاؤُهُمْ بِالظَّاهِرِ الْبَادِي لَهُمْ، وَالْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ مَدْرَجَتَا الْعُبُودِيَّةِ، لِيَسْتَكْمِلُوا بِذَلِكَ صِفَةَ الإِيمَانِ، وَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ كُلا مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، وَأَنَّ عَمَلَهُ فِي الْعَاجِلِ دَلِيلُ مَصِيرِهِ فِي الآجِلِ، وَتَلا قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} [اللَّيْل: ٥]، {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} [اللَّيْل: ٨] وَهَذِهِ الأُمُورُ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ، وَمِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ عِلْمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ، وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الْأَنْبِيَاء: ٢٣].

وَاطْلُبْ نَظِيرَهُ مِنْ أَمْرَيْنِ: مِنَ الرِّزْقِ الْمَقْسُومِ مَعَ الأَمْرِ بِالْكَسْبِ، وَمِنَ الأَجَلِ الْمَضْرُوبِ فِي الْعُمْرِ مَعَ الْمُعَالَجَةِ بِالطِّبِّ، فَإِنَّكَ تَجِدُ الْمُغَيَّبَ فِيهِمَا عِلَّةً مُوجِبَةً، وَالظَّاهِرَ الْبَادِيَ سَبَبًا مُخِيلا، وَقَدِ اصْطَلَحَ النَّاسُ خَوَاصُّهُمْ وَعَوَامُّهُمْ عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ فِيهِمَا لَا يُتْرَكُ بِالْبَاطِنِ، هَذَا مَعْنَى كَلامِ الْخَطَّابِيِّ رَحمَه الله تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>