للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى جَوَازِ النَّافِلَةِ فِي السَّفَرِ عَلَى الدَّابَّةِ مُتَوَجِّهًا إِلَى الطَّرِيقِ، وَيَجِبُ أَنْ يَنْزِلَ لأَدَاءِ الْفَرِيضَةِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي الْوِتْرِ، فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى جَوَازِهَا عَلَى الرَّاحِلَةِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ.

وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يُوتِرُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: كَانُوا يُصَلُّونَ الْفَرِيضَةَ وَالْوِتْرَ بِالأَرْضِ.

وَيَجُوزُ أَدَاءُ النَّافِلَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي السَّفَرِ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ جَمِيعًا عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ الأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ إِلا فِي سَفَرٍ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلاةُ، وَإِذَا صَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ يَفْتَتِحُ الصَّلاةَ إِلَى الْقِبْلَةِ إِنْ تَيَسَّرَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقْرَأُ وَيَرْكَعُ، وَيَسْجُدُ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَيُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بِرَأْسِهِ، وَيَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ.

رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ إِذَا سَافَرَ وَأَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ بِنَاقَتِهِ، فَكَبَّرَ، ثُمَّ صَلَّى حَيْثُ وَجَّهَهُ رِكَابُهُ».

وَجَوَّزَ الأَوْزَاعِيُّ لِلْمَاشِي عَلَى رِجْلِهِ أَنْ يُصَلِّيَ بِالإِيمَاءِ مُسَافِرًا كَانَ، أَوْ غَيْرَ مُسَافِرٍ، وَكَذَلِكَ عَلَى الدَّابَّةِ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>