للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثَوَابٌ وَلا حُكْمٌ، أَلا تَرَى أَنَّ الطِّفْلَ مَحْكُومٌ بِدِينِ أَبَوَيْهِ الْكَافِرَيْنِ، فَإِذَا مَلَكَهُ مُسْلِمٌ، حُكِمَ لَهُ بِدِينِ مَالِكِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ الإِمَامُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلا عَلَى فِطْرَةِ الإِسْلامِ حَتَّى يُعْرِبَ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ».

أَرَادَ بِهِ الْفِطْرَةَ الَّتِي يَعْتَقِدُهَا أَهْلُ الإِسْلامِ، حَيْثُ قَالُوا: بَلَى، وَلا يَبْتَنِي عَلَيْهِ الْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ.

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ ذَهَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ حِينَ سُئِلَ عَنْهُ، فَقَالَ: تَفْسِيرُهُ قَوْلُهُ حِينَ سُئِلَ عَنِ الأَطْفَالِ، فَقَالَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ»، يُرِيدُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ مِنَ الْبَشَرِ إِنَّمَا يُولَدُ عَلَى فِطْرَتِهِ الَّتِي جُبِلَ عَلَيْهَا فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ السَّعَادَةِ أَوِ الشَّقَاوَةِ، فَكُلٌّ مِنْهُمْ صَائِرٌ فِي الْعَاقِبَةِ إِلَى مَا فُطِرَ عَلَيْهِ، وَعَامِلٌ فِي الدُّنْيَا بِالْعَمَلِ الْمُشَاكِلِ لِفِطْرَتِهِ فِي السَّعَادَةِ أَوِ الشَّقَاوَةِ.

فَمِنْ أَمَارَاتِ الشَّقَاوَةِ لِلطِّفْلِ أَنْ يُولَدَ بَيْنَ يَهُودِيَّيْنِ أَوْ نَصْرَانِيَّيْنِ، فَيَحْمِلانَهُ لِشَقَائِهِ عَلَى اعْتِقَادِ دِينِهِمَا، فَيَنْشَأُ عَلَيْهِ أَوْ يَمُوتُ قَبْلَ أَنْ يَعْقِلَ، فَيَصِفَ الدِّينَ، فَهُوَ مَحْكُومٌ لَهُ بِحُكْمِ وَالِدَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>