وَقَالَ مُطَرِّفٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، إِنَّ عِنْدِي دَاجِنًا جَذَعَةً مِنَ الْمَعْزِ؟ قَالَ: «اذْبَحْهَا وَلا تَصْلُحُ لِغَيْرِكَ»
قَوْلُهُ: «لَا تَجْزِي عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ»، أَيْ: لَا تَقْضِي، بِلا هَمْزٍ، يُقَالُ: جَزَى عَنِّي هَذَا الأَمْرُ، وَيَجْزِيكَ مِنْ هَذَا الأَمْرِ الأَقَلُّ، أَيْ: يَقْضِي وَيَنُوبُ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [الْبَقَرَة: ٤٨] أَيْ: لَا تَقْضِي عَنْهَا، وَلا تَنُوبُ، وَالْمُتَجَازِي لِلدَّيْنِ: هُوَ الْمُتَقَاضِي.
وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ: جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا، أَيْ: قَضَاهُ اللَّهُ مَا أَسْلَفَ، فَإِذَا كَانَ بِمَعْنَى الْكِفَايَةِ، قُلْتُ: جَزَأَ عَنِّي وَأَجْزَأَ بِالْهَمْزِ.
وَالْجَذَعُ مِنَ الْمَعْزِ غَيْرُ جَائِزٍ فِي الأُضْحِيَّةِ، وَيَجُوزُ مِنَ الضَّأْنِ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ، قِيلَ: لأَنَّهُ يَنْزُو، فَيُلْقِحُ، وَمِنَ الْمَعْزِ لَا يُلْقِحُ حَتَّى يَصِيرَ ثَنِيًّا.
قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: هَذَا الْحَدِيثُ يَشْتَمِلُ عَلَى بَيَانِ وَقْتِ الأُضْحِيَّةِ، وَالسِّنِّ الَّتِي تَجُوزُ فِي الأُضْحِيَّةِ.
أَمَّا وَقْتُهَا، فَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَبْحُهَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، ثُمَّ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ وَقْتَ الأُضْحِيَّةِ يَدْخُلُ إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ النَّحْرِ قِيدَ رُمْحٍ، وَمَضَى بَعْدَهُ قَدْرُ رَكْعَتَيْنِ، وَخُطْبَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، اعْتِبَارًا بِصَلاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُطْبَتِهِ، فَإِنْ ذَبَحَ بَعْدَهُ، جَازَ، سَوَاءً صَلَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute