وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، لِمَا رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «قَامَ قِيَامًا طَوِيلا نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَلَوْ جَهَرَ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى الْحَزْرِ وَالتَّقْدِيرِ».
وَالأَوَّلُ أَوْلَى، لأَنَّ فِيهِ إِثْبَاتَ الْجَهْرِ صَرِيحًا، فَالْمُثْبَتُ أَوْلَى، فَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَمِنَ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ خَفِيَ عَلَيْهِ، لِبُعْدِهِ مِنَ الإِمَامِ، أَوْ لِغَيْرِهِ مِنَ الْعَوَائِقِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْحَزْرَ وَالتَّقْدِيرَ لَمْ يَكُنْ لِلإِسْرَارِ بِالْقِرَاءَةِ، وَلَكِنْ لَمَّا أَنَّهُ كَانَ قَدْ قَرَأَ سُوَرًا كَثِيرَةً بِقَدْرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي التَّحْدِيدِ وَالتَّقْدِيرِ، فَآثَرَ الاخْتِصَارَ فِي الْحِكَايَةِ، وَذَكَرَ الْمَقْصُودَ، وَهُوَ الدَّلالَةُ عَلَى مِقْدَارِ الْقِرَاءَةِ، وَتَرَكَ ذِكْرَ أَسْمَاءِ السُّوَرِ وَأَعْيَانِهَا، أَمَّا صَلاةُ خُسُوفِ الْقَمَرِ، يُجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، لأَنَّهَا مِنْ صَلاةِ اللَّيْلِ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْجَهْرُ إِنَّمَا جَاءَ فِي صَلاةِ اللَّيْلِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ جَهَرَ مَرَّةً، وَخَفَتَ أُخْرَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute