إِلا أَنَّ النِّسْيَانَ يَغْلِبُهُ، فَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ، بِدَلِيلِ: مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلا، يَقْرَأُ بِاللَّيْلِ، فَقَالَ: «يَرْحَمُهُ اللَّهُ فَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَةً كُنْتُ أُنْسِيتُهَا».
قَوْلُهُ: «أَشَدُّ تَفَصِّيًا» أَيْ: ذَهَابًا وَانْفِلاتًا، وَكُلُّ شَيْءٍ كَانَ لازِمًا لِشَيْءٍ، فَفُصِلَ مِنْهُ، قِيلَ: تَفَصَّى مِنْهُ كَمَا يَتَفَصَّى الإِنْسَانُ مِنَ الْبَلِيَّةِ أَيْ: يَتَخَلَّصُ مِنْهَا.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي قَوْلِهِ: «بَلْ نُسِّيَ» يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَاصًّا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي فِيمَا نُسِخَتْ تِلاوَتُهُ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ «نُسِّيَ» أَيْ: نُسِخَتْ تِلاوَتُهُ، نَهَاهُمْ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ لِئَلا يُتَوَهَّمَ الضَّيَاعُ عَلَى مُحْكَمِ الْقُرْآنِ، فَأَعْلَمَهُمْ بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ، لَمَّا رَأَى فِيهِ مِنَ الْحِكْمَةِ يَعْنِي نَسْخَ التِّلاوَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute