للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ فَسَّرَهُ ابْنُ سِيرِينَ، فَقَالَ: فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ «إِنْ كَانَتْ إِلا زَقْيَةً وَاحِدَةً» وَهِيَ فِي قِرَاءَتِنَا {صَيْحَةً وَاحِدَةً} [يس: ٢٩] وَالْمَعْنَى فِيهِمَا وَاحِدٌ.

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: سَبْعَةِ أَحْرُفٍ: يَعْنِي: سَبْعَ لُغَاتٍ مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ فِي الْحَرْفِ الْوَاحِدِ سَبْعُ لُغَاتٍ، وَلَكِنَّ هَذِهِ اللُّغَاتِ السَّبْعَ مُتَفَرِّقَةٌ فِي الْقُرْآنِ، فَبَعْضُهُ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ، وَبَعْضُهُ بِلُغَةِ هَوَازِنَ، وَبَعْضُهُ بِلُغَةِ هُذَيْلٍ، وَبَعْضُهُ بِلُغَةِ أَهْلِ الْيَمَنِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ اللُّغَاتِ، وَمَعَانِيهَا فِي هَذَا كُلِّهِ وَاحِدَةٌ، مَعْنَاهُ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ مَأْذُونًا لِلْقَارِئِ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى أَيِّ هَذِهِ الْوُجُوهِ شَاءَ، قَالُوا: وَكَانَ ذَلِكَ تَوْسِعَةً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرَحْمَةً عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ، إِذْ لَوْ كُلِّفَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ تَرْكَ لُغَتِهِمْ، وَالْعُدُولَ عَنْ عَادَةٍ نَشَئُوا عَلَيْهَا إِلَى غَيْرِهَا، لَشَقَّ عَلَيْهِمْ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ قَالَ: لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ، فَقَالَ: " يَا جِبْرِيلُ، إِنِّي بُعِثْتُ إِلَى أُمَّةٍ أُمِّيِّينَ، مِنْهُمُ الْعَجُوزُ، وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ، وَالْغُلامُ، وَالْجَارِيَةُ، وَالرَّجُلُ الَّذِي لَمْ يَقْرَأْ كِتَابًا قَطُّ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ «.

<<  <  ج: ص:  >  >>