هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
قَوْلُهُ: «كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ» سُئِلَ أَبُو عُثْمَانَ الْحِيرِيُّ عَنْ مَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ، فَقَالَ: كُنْتُ أَسْرَعَ إِلَى قَضَاءِ حَوَائِجِهِ مِنْ سَمْعِهِ فِي الاسْتِمَاعِ، وَبَصَرِهِ فِي النَّظَرِ، وَيَدِهِ فِي اللَّمْسِ، وَرِجْلِهِ فِي الْمَشْيِ.
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: هَذِهِ أَمْثَالٌ ضَرَبَهَا، وَالْمَعْنَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، تَوْفِيقُهُ فِي الأَعْمَالِ الَّتِي يُبَاشِرُهَا بِهَذِهِ الأَعْضَاءِ، يَعْنِي: يُيَسِّرُ عَلَيْهِ فِيهَا سَبِيلَ مَا يُحِبُّهُ، وَيَعْصِمُهُ عَنْ مُوَاقَعَةِ مَا يَكْرَهُ: مِنْ إِصْغَاءٍ إِلَى اللَّغْوِ بِسَمْعِهِ، وَنَظَرٍ إِلَى مَا نُهِيَ عَنْهُ بِبَصَرِهِ، وَبَطْشِ مَا لَا يَحِلُّ بِيَدِهِ، وَسَعْيٍ فِي الْبَاطِلِ، وَقَدْ يَكُونُ مَعْنَاهُ: سُرْعَةَ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ، وَالإِنْجَاحَ فِي الطَّلِبَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَسَاعِيَ الإِنْسَانِ إِنَّمَا تَكُونُ بِهَذِهِ الْجَوَارِحِ الأَرْبَعِ.
وَقَوْلُهُ: «مَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ» فَإِنَّهُ أَيْضًا مَثَلٌ، فَإِنَّ التَّرَدُّدَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا هُوَ صِفَةُ الْمَخْلُوقِينَ غَيْرُ جَائِزٍ، وَالْبَدَاءُ عَلَيْهِ فِي الأُمُورِ غَيْرُ سَائِغٍ، وَتَأْوِيلُهُ عَلَى وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْعَبْدَ قَدْ يُشْرِفُ فِي أَيَّامِ عُمُرِهِ عَلَى الْمَهَالِكِ مَرَّاتٍ ذَاتَ عَدَدٍ: مِنْ آفَةٍ تَنْزِلُ بِهِ، أَوْ دَاءٍ يُصِيبُهُ، فَيَدْعُو اللَّهَ، فَيَشْفِيهِ مِنْهَا، فَهُوَ الْمُرَادُ مِنَ التَّرَدُّدِ، إِلَى أَنْ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ، وَهَذَا عَلَى مَعْنَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute