بِهِ، فَلا يُعْتَبَرُ حَالُهُمَا بِحَالِ غَيْرِهِمَا، وَقَدِ اصْطَفَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُوسَى بِرِسَالاتِهِ وَبِكَلامِهِ، وَأَيَّدَهُ بِالآيَاتِ الظَّاهِرَةِ، وَالْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَةِ، كَالْيَدِ الْبَيْضَاءِ، وَالْعَصَا، وَانْفِلاقِ الْبَحْرِ، وَغَيْرِهَا مِمَّا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ، وَدَلَّتْ عَلَيْهِ الآثَارُ، وَكُلُّ ذَلِكَ إِكْرَامٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَكْرَمَهُ بِهَا، فَلَمَّا دَنَتْ وَفَاتُهُ وَهُوَ بَشَرٌ يَكْرَهُ الْمَوْتَ طَبْعًا، وَيَجِدُ أَلَمَهُ حِسًّا، لَطُفَ لَهُ بِأَنْ لَمْ يُفَاجِئْهُ بِهِ بَغْتَةً، وَلَمْ يَأْمُرِ الْمَلَكَ الْمُوَكَّلَ بِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِهِ قَهْرًا، لَكِنْ أَرْسَلَهُ إِلَيْهِ مُنْذِرًا بِالْمَوْتِ، وَأَمَرَهُ بِالتَّعَرُّضِ لَهُ عَلَى سَبِيلِ الامْتِحَانِ فِي صُورَةِ بَشَرٍ، فَلَمَّا رَآهُ مُوسَى اسْتَنْكَرَ شَأْنَهُ، وَاسْتَوْعَرَ مَكَانَهُ، فَاحْتَجَزَ مِنْهُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ، بِمَا كَانَ مِنْ صَكِّهِ إِيَّاهُ، فَأَتَى ذَلِكَ عَلَى عَيْنِهِ الَّتِي رُكِّبَتْ فِي الصُّورَةِ الْبَشَرِيَّةِ الَّتِي جَاءَهُ فِيهَا، دُونَ صُورَةِ الْمَلَكِيَّةِ الَّتِي هُوَ مَجْبُولٌ عَلَيْهَا، وَقَدْ كَانَ فِي طَبْعِ مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمِيَّةٌ، وَحِدَّةٌ، عَلَى مَا قَصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِ فِي كِتَابِهِ مِنْ وَكْزِهِ الْقِبْطِيَّ، وَإِلْقَائِهِ الأَلْوَاحَ، وَأَخْذِهِ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ.
وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا غَضِبَ اشْتَعَلَتْ قَلَنْسُوَتُهُ نَارًا، وَقَدْ جَرَتْ سُنَّةُ الدِّينِ بِدَفْعِ مَنْ قَصَدَكَ بِسُوءٍ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ»،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute