أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ، وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الْوَرَثَةَ إِنْ أَجَازُوهَا جَازَتْ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، كَمَا لَوْ أَوْصَى لأَجْنَبِيٍّ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ، وَأَجَازَهُ الْوَرَثَةُ جَازَ.
وَالإِجَازَةُ تَكُونُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَلا حُكْمَ لإِجَازَةِ الْوَارِثِ، وَرَدِّهِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي، أَوْصَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، أَنْ لَا تُكْشَفَ امْرَأَتُهُ الْفَزَارِيَّةُ، عَمَّا أُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابُهَا.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ، وَالْحَكَمُ: إِذَا أَبْرَأَ الْوَارِثُ مِنَ الدَّيْنِ يَبْرَأُ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِذَا قَالَتِ الْمَرْأَةُ عِنْدَ مَوْتِهَا: إِنَّ زَوْجِي قَضَانِي، وَقَبَضْتُ مِنْهُ، جَازَ، وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ.
قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [الْبَقَرَة: ١٨٢]: هُوَ أَنْ يُعْطِيَ عِنْدَ حُضُورِ أَجَلِهِ بَعْضَ وَرَثَتِهِ دُونَ بَعْضٍ، فَلا إِثْمَ عَلَى مَنْ أَصْلَحَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ، وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يَحِيفَ فِي وَصِيَّتِهِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، فَلا حَرَجَ عَلَى وَصِيِّهِ أَوْ وَالِي الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُصْلِحَ بَعْدَ مَوْتِهِ بَيْنَ وَرَثَتِهِ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُمْ، وَيَرُدُّ الْوَصِيَّةَ إِلَى الْعَدْلِ، وَقِيلَ: هُوَ أَنَّ الْمَرِيضَ إِذَا كَانَ يُوصِي وَلا يَعْدِلُ، فَلا حَرَجَ عَلَى مِنْ حَضَرَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالْعَدْلِ، وَيَنْهَاهُ عَنِ الْحَيْفِ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، فَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ لِلتُّهْمَةِ بِالْمَيْلِ إِلَى بَعْضِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ، وَمَالِكٍ، وَسُفْيَانَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَأَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute