وَقَوْلُهُ: «وَلا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجَتْمِعٍ»، نَهْيٌ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ الشَّرْعِ لِلسَّاعِي وَرَبِّ الْمَالِ جَمِيعًا، نَهَى رَبَّ الْمَالِ عَنِ الْجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ قَصْدًا إِلَى تَقْلِيلِ الصَّدَقَةِ، وَنَهَى السَّاعِي عَنْهُمَا قَصْدًا إِلَى تَكْثِيرِ الصَّدَقَةِ، وَبَيَانُهُ: إِذَا كَانَتْ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَرْبَعُونَ شَاةً مُخْتَلِطَةً، فَلَمَّا أَظَلَّهُمَا السَّاعِي، فَرَّقَاهَا، لِئَلا تَجِبَ عَلَيْهِمَا الزَّكَاةُ، أَوْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً، فَأَرَادَ السَّاعِي جَمْعَهَا لِتَجِبُ الزَّكَاةُ، أَوْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا ثَمَانُونَ مُخْتَلِطَةً، فَأَرَادَ السَّاعِي تَفْرِيقَهَا لِيَأْخُذَ شَاتَيْنِ، أَوْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً، فَأَرَادَ أَرْبَابِ الْمَالِ جَمْعَهَا، لِئَلا تَجِبَ عَلَيْهِمَا إِلا شَاةٌ وَاحِدَةٌ، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ، وَأُمِرُوا بِتَقْرِيرِهَا عَلَى حَالَتِهَا.
وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «لَا خِلَاطَ»، وَالْمُرَادُ مِنْهُ هَذَا وَهُوَ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْمُتَفَرِّقِ، لِيَتَغَيَّرَ حُكْمُ الزَّكَاةِ، وَلَوْ أَنَّهُمْ فَرَّقُوا أَوْ جَمَعُوا قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ كَانَ الْحُكْمُ لِلتَّفْرِيقِ، وَلَوْ فَعَلُوا بَعْدَ الْحَوْلِ لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ حُكْمُ الزَّكَاةِ فِي الْحَوْلِ الْمَاضِي، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ ثُبُوتِ حُكْمِ الْخُلْطَةِ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ.
وَذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِلَى أَنَّ الْخُلْطَةَ لَا تُغَيِّرُ حُكْمَ الزَّكَاةِ، بَلْ عَلَيْهِمْ زَكَاةُ الانْفِرَادِ.
وَقَالَ مَالِكٌ، وَسُفْيَانُ: لَا حُكْمَ لِلْخُلْطَةِ حَتَّى يَكُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute