ثُمَّ لَهُ تَأْوِيلانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذِهِ الْآلاتِ كَانَتْ عِنْدَهُ لِلتِّجَارَةِ، فَطَلَبُوا مِنْهُ زَكَاةَ التِّجَارَةِ، فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَدْ جَعَلَهَا حُبُسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَلا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ، وَجَوَازِ وَقْفِ الْمَنْقُولِ.
وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي: أَنَّهُ اعْتَذَرَ لِخَالِدٍ، يَقُولُ: إِنَّ خَالِدًا لَمَّا حَبَسَ أَدْرَاعَهُ تَبَرُّعًا، وَهُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ، فَكَيْفَ يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ يَمْنَعُ الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ.
وَقِيلَ فِي تَأْوِيلِهِ: إِنَّهُ احْتَسَبَ لَهُ مَا حَبَسَهُ بِمَا عَلَيْهِ مِنَ الصَّدَقَةِ، لِأَنَّ أَحَدَ أَصْنَافِ الْمُسْتحقين لِلصَّدَقَةِ هُمُ الْمُجَاهِدُونَ.
وَفِيهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الْقِيَمِ فِي الزَّكَوَاتِ بَدَلًا عَنِ الْأَعْيَانِ، وَعَلَى جَوَازِ وَضْعِ الصَّدَقَةِ فِي صنْفٍ وَاحِدٍ.
وَقَوْلُهُ: «صِنْوُ أَبِيهِ»، أَيْ: أَصْلُهُمَا وَاحِدٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ} [الرَّعْد: ٤]، وَهِيَ جَمْعُ صِنْوٍ، وَمَعْنَاهُ: أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ وَاحِدًا، وَفِيهِ النَّخْلَتَانِ، وَالثَّلاثِ، وَالْأَرْبَعِ.
وَيُحْكَى عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: الصِّنْوُ: الْمِثْلُ، أَرَادَ مِثْلَ أَبِيهِ.
وَقَوْلُهُ فِي صَدَقَةِ الْعَبَّاسِ: «فَهِيَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ»، فَإِنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ قَلَّ الْمُتَابِعُونَ لِشُعَيْبٍ فِيهَا، لِأَنَّ الْعَبَّاسَ مِنْ صَلِيبَةِ بَنِي هَاشِمٍ لَا تَحِلُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute