قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَأَبُو رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْمُهُ أَسْلَمُ.
وَابْنُ أَبِي رَافِعٍ اسْمُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ، كَاتِبُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَمْ يَخْتَلِفِ الْمُسْلِمُونَ فِي أَنَّ الصَّدَقَةَ الْمَفْرُوضَةَ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تَحِلُّ لِبَنِي الْمُطَّلِبِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْرَكَهُمْ فِي سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى مِنَ الْغَنِيمَةِ مَعَ بَنِي هَاشِمٍ، وَتِلْكَ الْعَطِيَّةُ عِوَضٌ لَهُمْ عَمَّا حُرِمُوا مِنَ الصَّدَقَةِ.
فَأَمَّا مَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ، فَاخْتَلَفُوا فِيهِمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُبِحْ لَهُمْ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَاحَ لَهُمْ، لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لَهُمْ فِي سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى، وَإِنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا رَافِعٍ تَنْزِيهًا لَهُ، وَقَالَ: «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ» فِي الاقْتِدَاءِ بِهِمْ، وَالْأَخْذِ بِسِيرَتِهِمْ فِي الاجْتِنَابِ عَمَّا يَجْتَنِبُونَ عَنْهُ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْفِيهِ الْمَئُونَةَ، إِذْ كَانَ أَبُو رَافِعٍ يَتَصَرَّفُ لَهُ فِي الْحَاجَةِ وَالْخِدْمَةِ، فَقَالَ لَهُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى: إِذَا كَانَتْ تَسْتَغْنِي بِمَا أُعْطِيتَ، فَلا تَطْلُبْ أَوْسَاخَ النَّاسِ، فَإِنَّكَ مَوْلانَا وَمِنَّا.
أَمَّا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ، فَكَانَ مُبَاحًا لآلِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَأْخُذُهَا تَنْزِيهًا، رُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ مِنْ سِقَايَاتٍ بَيْنَ مكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، قِيلَ لَهُ: تَشْرَبُ مِنَ الصَّدَقَةِ؟! فَقَالَ: إِنَّمَا حُرِّمَتْ عَلَيْنَا الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute