وَالْآخَرُ: هَلَكَ مَالُهُ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ مِنْ لِصٍّ طَرَقَهُ، أَوْ خِيَانَةٍ مِمَّنْ أَوْدَعَهُ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَظْهَرُ فِي الْغَالِبِ، فَهَذَا تَحِلُّ لَهُ الْمَسْأَلَةُ، وَيُعْطَى مِنَ الصَّدَقَةِ بَعْدَ أَنْ يَذْكُرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الاخْتِصَاصِ بِهِ، وَالْمَعْرِفَةِ بِشَأْنِهِ أَنْ قَدْ هَلَكَ مَالُهُ لِتَزُولَ الرِّيبَةُ عَنْ أَمْرِهِ فِي دَعْوَى هَلاكِ الْمَالِ.
وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ، وَلَكِنْ مِنْ بَابِ التَّبَيُّنِ وَالتَّعَرُّفِ، لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِثَلاثَةٍ مِنَ الرِّجَالِ فِي شَيْءٍ مِنَ الشَّهَادَاتِ، فَإِذَا قَالَ نَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ أَوْ جِيرَانِهِ مِنْ ذَوِي الْخِبْرَةِ بِشَأْنِهِ: إِنَّهُ صَادِقٌ فِيمَا يَدَّعِيهِ، أُعْطِيَ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَيْخُرُجُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ ثَبَتَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَطَلَبَ الْمَحْكُومُ لَهُ حُبِسَ مَنْ عَلَيْهِ، فَادَّعَى الْمَطْلُوبُ الإِفْلاسِ وَالْعُدْمِ، فَيُنْظَرُ فِي أَمْرِهِ، فَإِنْ لَزِمَهُ ذَلِكَ الدَّيْنُ بِمُقَابَلَةِ مَالٍ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ مِنَ ابْتِيَاعٍ أَوِ اسْتِقْرَاضٍ، فَلا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْعُدْمِ، وَيُحْبَسُ إِلا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى هَلاكِ مَالِهِ، وَإِنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ لَا بِمُقَابَلَةِ مَالٍ، دَخَلَ فِي مِلْكِهِ مِثْلَ بَدَلِ الإِتْلافِ، وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَمَهْرِ الْمَنْكُوحَةِ، وَالضَّمَانِ، وَنَحْوُهَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِذَا حَلَفَ خُلِّيَ سَبِيلُهُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْعُدْمُ.
١٦٢٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الطَّاهِرِيُّ، أَنا جَدِّي عَبْدُ الصَّمَدِ الْبَزَّازُ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعُذَافِرِيُّ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الدَّبَرِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، نَا مَعْمَرٌ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَتَسَاءَلُ أَمْوَالَنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute