قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَالاخْتِيَارُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ مِنْ مَالِهِ، وَيَسْتَبْقِي لِنَفْسِهِ قُوتًا لِمَا يَخَافُ عَلَيْهِ مِنْ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، وَرُبَّمَا يَلْحَقُهُ النَّدَمُ عَلَى مَا فَعَلَ، فَيبطل بِهِ أَجْرُهُ، وَيَبْقَى كَلا عَلَى النَّاسِ، وَلَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ خُرُوجَهُ مِنْ مَالِهِ أَجْمَعَ، لِمَا عَلِمَ مِنْ قُوَّةِ يَقِينِهِ، وَصِحَّةِ تَوَكُّلِهِ فَلَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ الْفِتْنَةَ، كَمَا خَافَهَا عَلَى غَيْرِهِ.
أَمَّا مَنْ تَصَدَّقَ وَأَهْلُهُ مُحْتَاجُونَ إِلَيْهِ، أَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَأَدَاءُ الدَّيْنِ وَالإِنْفَاقِ عَلَى الْأَهْلِ أَوْلَى، إِلا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالصَّبْرِ، فَيُؤْثِرُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ بِهِ خَصَاصَةٌ، كَفِعْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَكَذَلِكَ آثَرَ الْأَنْصَارُ الْمُهَاجِرِينَ، فَأَثْنَى اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الْحَشْر: ٩]، وَهِيَ الْحَاجَةُ وَالْفَقْرُ.
١٦٧٦ - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، نَا اللَّيْثُ، عَنْ عَقِيلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، يُحَدِّثُ حِينَ تَخلِّفَ عَنْ قِصَّةِ تَبُوكَ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute