وَقَدْ صَحَّ عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِرَجُلٍ: «هَلْ صُمْتَ مِنْ سَرَرِ شَعْبَانَ شَيْئًا؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَإِذَا أَفْطَرْتَ، فَصُمْ يَوْمَيْنِ».
وَرُوِيَ عَنْ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «صُومُوا الشَّهْرَ وَسِرَّهُ».
قَوْلُهُ: «صُومُوا الشَّهْرَ»، أَرَادَ مُسْتَهَلَّ الشَّهْرِ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْهِلالَ شَهْرًا.
فَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الظَّاهِرِ مُعَارِضٌ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، «لَا تُقَدِّمُوا شَهْرَ رَمَضَانَ بِصِيَامِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ».
يُحْكَى عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّهُمَا قَالا: سِرُّهُ: أَوَّلُهُ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: أَنَا أُنْكِرُ هَذَا التَّفْسِيرَ، وَأَرَاهُ غَلَطًا فِي النَّقْلِ، وَلا أَعْرِفُ لَهُ وَجْهًا فِي اللُّغَةِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ سِرَّهُ آخِرُهُ، يُقَالُ: سِرُّ الشَّهْرِ وَسَرَرُ الشَّهْرِ وَسِرَارُهُ، سُمِّيَ سِرًّا لاسْتِسْرَارِ الْقَمَرِ فِيهِ، وَحَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ كَانَ قَدْ أَوْجَبَ صَوْمَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِنَذْرٍ، فَأَمَرَهُ بِالْوَفَاءِ بِهِ، أَوْ كَانَ ذَلِكَ عَادَةً قَدِ اعْتَادَهَا مِنْ صِيَامِ أَوَاخِرِ الشَّهْرِ، فَتُرِكَ فِي آخِرِ شَعْبَانَ لاسْتِقْبَالِ الشَّهْرَ، فَاسْتَحَبَّ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْضِيَهُ، وَالنَّهْيُ إِنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ مَنْ يَبْتَدِئُهُ مُتَبَرِّعًا مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ وَلا عَادَةٍ.
وَقِيلَ: أَرَادَ بِسِرِّهِ: وَسَطَهُ، وَسِرُّ كُلِّ شَيْءٍ جَوْفُهُ، وَعَلَى هَذَا أَرَادَ أَيَّامَ الْبِيضِ.
١٧٢٢ - حَدَّثَنَا السَّيِّدُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الْمُوسَوِيُّ، أنَا الْقَاضِي أَبُو عَاصِمٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute