وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي وُجُوبِ الصَّوْمِ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ، فَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَحْمَدُ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا كَانَ السَّمَاءُ مُتَغَيِّمًا.
وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلالَ، فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي رَأَيْتُهُ، «فَصَامَ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ».
وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّ رَجُلا شَهِدَ عِنْدَهُ عَلَى رُؤْيَةِ هِلالِ رَمَضَانَ، فَصَامَ وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَصُومُوا، وَقَالَ: أَصُومُ يَوْمًا مِنْ شَعْبَانَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُفْطِرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ.
وَذَهَبَ مَالِكٌ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ إِلَى أَنَّ هِلالَ رَمَضَانَ لَا يَثْبُتُ إِلا بِعَدْلَيْنِ، قِيَاسًا عَلَى هِلالِ شَوَّالٍ، وَهُوَ أَظْهَرُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ.
وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى ثُبُوتِهِ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ، اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ هَلْ يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ؟ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى قَبُولِهِ، لِأَنَّ بَابَهُ بَابُ الإِخْبَارِ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إِلا بِقَوْلِ رَجُلٍ عَدْلٍ حُرٍّ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَلا يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ الإِخْبَارِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ، وَلا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ: أَخْبَرَنِي فُلانٌ عَنْ فُلانٍ أَنَّهُ رَأَى الْهِلالَ.
أَمَّا هِلالُ شَوَّالٍ، فَلا يَثْبُتُ إِلا بِقَوْلِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute