رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ ثَوْبَانَ، وَشَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ
وَتَأَوَّلَ بَعْضُ مَنْ رَخَّصَ فِيهَا هَذَا الْحَدِيثَ، فَقَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ»، أَيْ: تَعَرَّضَا لِلإِفْطَارِ، أَمَّا الْمَحْجُومُ فَلِلضَّعْفِ الَّذِي يَلْحَقُهُ مِنْهَا، وَأَمَّا الْحَاجِمُ فَلِمَا لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَصِلَ إِلَى جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ الدَّمِ إِذَا ضَمَّ شَفَتَيْهِ عَلَى قَصَبِ الْمُلازِمِ، كَمَا يُقَالُ لِمَنْ يَتَعَرَّضُ لِلْمَهَالِكِ: قَدْ هَلَكَ فُلانٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ هَلَكَ.
وَحَمَلَ بَعْضُ مَنْ كَرِهَهَا، وَلَمْ يَحْكُمْ بِبُطْلانِ الصَّوْمِ هَذَا عَلَى التَّغْلِيطِ لَهُمَا، وَالدُّعَاءِ عَلَيْهِمَا، كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ فِيمَنْ صَامَ الدَّهْرَ: «لَا صَامَ وَلا أَفْطَرَ»، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ مَعْنَى قَوْلِهِ: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ»، أَيْ: بَطَلَ أَجْرُ صِيَامِهِمَا.
وَقِيلَ فِي تَأْوِيلِهِ: إِنَّهُ مَرَّ بِهِمَا مَسَاءً، فَقَالَ: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ»، كَأَنَّهُ عَذَرَهُمَا بِهَذَا الْقَوْلِ إِذْ كَانَا قَدْ أَمْسَيَا وَدَخَلا فِي وَقْتِ الْفِطْرِ، كَمَا يُقَالُ: أَصْبَحَ الرَّجُلُ وَأَمْسَى وَأَظْهَرَ، إِذَا دَخَلَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ حَانَ لَهُمَا أَنْ يُفْطِرَا، كَمَا يُقَالُ: أَحْصَدَ الزَّرْعُ: إِذَا حَانَ أَنْ يُحْصَدَ، وَأَرْكَبَ الْمُهْرُ: إِذَا حَانَ أَنْ يُرْكَبَ، هَذِهِ التَّأْوِيلاتُ ذَكَرَهَا أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ فِي كِتَابِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute