للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْكَعْبِيِّ حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَلا نَعْرِفُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ

وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْحَامِلَ وَالْمُرْضِعَ، إِذَا خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا، تُفْطِرَانِ وَتَقْضِيَانِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمَا الإِطْعَامُ أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُمَا تَطْعَمَانِ مَعَ الْقَضَاءِ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنِ الْحَامِلِ إِذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا، قَالَ: تُفْطِرُ وَتُطْعِمُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ.

وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُمَا تَقْضِيَانِ، وَلا إِطْعَامَ عَلَيْهِمَا كَالْمَرِيضِ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: الْحَامِلُ تَقْضِي وَلا تُطْعِمُ، لأَنَّ ضَرَرَ الصَّوْمِ يَعُودُ إِلَى نَفْسِهَا كَالْمَرِيضِ، وَالْمُرْضِعُ تَقْضِي وَتُطْعِمُ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنْ شَاءَتَا أَطْعَمَتَا، وَلا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ شَاءَتَا قَضَتَا وَلا إِطْعَامَ عَلَيْهِمَا، وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ.

فَأَمَّا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الَّذِي لَا يُطِيقُ الصَّوْمَ، يُطْعَمُ عَنْهُ وَلا قَضَاءَ عَلَيْهِ، لِعَجْزِهِ، قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ، أَيْ: يُكَلَّفُونَ الصَّوْمَ وَيُشَقُّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، فَلَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا، وَيُطْعِمُوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>