للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَجَّ مِنْ فَرَائِضِ الإِسْلامِ كَالصَّلاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالأُمَّةُ مُجْمِعُونَ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمرَان: ٩٧].

وَالْحَجُّ فَرْضُ الْعُمْرِ، لَا يَجِبُ فِي الْعُمْرِ إِلا مَرَّةً وَاحِدَةً، إِلا أَنْ يَنْذِرَ، فَيُلْزَمُ بِالنَّذْرِ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ»، فَقَامَ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ، فَقَالَ: أَفِي كُلِّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لَوْ قُلْتُهَا لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَمْ تَعْمَلُوا بِهَا، وَلَمْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْمَلُوا بِهَا، الْحَجُّ مَرَّةً، فَمَنْ زَادَ فَتَطَوُّعٌ».

وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ إِذَا كَانَ الْمَحْجُوجُ عَنْهُ عَاجِزًا عَنْ أَدَائِهِ بِنَفْسِهِ، بِأَنْ كَانَ مَيِّتًا، أَوْ حَيًّا بِهِ عِلَّةٌ لَا يُرْجَى زَوَالُهَا مِنْ زَمَانَةٍ، أَوْ كِبَرٍ لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهُ الْحَجَّ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَذَهَبَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحَجَّ عَنِ الْحَيِّ الْعَاجِزِ، وَيَجُوزُ عَنِ الْمَيِّتِ، وَقَالَ مَالِكٌ: إِنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>