للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَتَطَيَّبَ قَبْلَ إِحْرَامِهِ بِطِيبٍ يَبْقَى أَثَرُهُ بَعْدَ الإِحْرَامِ، وَأَنَّ اسْتِدَامَتَهُ بَعْدَ الإِحْرَامِ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ فِدْيَةً، وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ، رُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَرُؤِيَ ابْنُ عَبَّاسٍ مُحْرِمًا وَعَلَى رَأْسِهِ مِثْلُ الرُّبِ مِنَ الْغَالِيَةِ، وَمِثْلُهُ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَكَرِهَهُ مَالِكٌ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: مَا أُحِبُّ أَنْ أُصْبِحَ مُحْرِمًا أَنْضَحُ طِيبًا، فَأَنْكَرَتْ عَائِشَةُ عَلَيْهِ وَرَوَتِ الْحَدِيثَ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ تَطَيَّبَ بِمَا يَبْقَى أَثَرُهُ بَعْدَ الإِحْرَامِ، عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، كَمَا لَوِ اسْتَدَامَ وَلَبِسَ الْمَخِيطَ، وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ كَاللِّبْسِ؛ لأَنَّ لاسْتِدَامَتِهِ حُكْمَ الابْتِدَاءِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَلْبَسَ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ، فَاسْتَدَامَ لِبْسَهُ وَلَمْ يَنْزَعْهُ حَنِثَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَتَطَيَّبُ، وَعَلَيْهِ طِيبٌ فَاسْتَدَامَهُ لَمْ يَحْنَثْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>