أَرَادَ بِالْجَدْرِ: الْحَجَرَ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَرْكِ بَعْضَ مَا هُوَ الْأَوْلَى، إِذَا لَمْ يَكُنْ فَرِيضَةً، عِنْدَ خَوْفِ الْفَسَادِ مِنْ فِعْلِهِ.
وَفِي قَوْلِهِ: «وَأَنْ أَلْصَقَ بَابَهُ بِالْأَرْضِ»، بَيَانٌ أَنَّ النَّاسَ غَيْرُ مَحْجُوبِينَ فِي حَقِّ الدِّينِ مِنْ دُخُولِ الْبَيْتِ أَيَّ وَقْتٍ شَاءُوا، كَمَا أَنَّ الْحَجَرَ جُزْءٌ مِنَ الْبَيْتِ، وَلا يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَحْجُبَ النَّاسَ عَنْهُ، وَمَا يَأْخُذُهُ السَّدَنَةُ مِنَ النَّاسِ عَلَى دُخُولِ الْبَيْتِ لَا يَطِيبُ لَهُمْ، وَإِنَّمَا يَجِبُ أَجْرُهُمْ عَلَى مَا يَتَوَلَّوْنَهُ مِنَ الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ.
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيُّ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الْأَنْفَال: ٤١]، قَالَ: السَّهْمُ الْمُضَافُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، إِنَّمَا هُوَ لِلْكَعْبَةِ، بَيْتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ أَضَافَ الْخُمُسَ إِلَى نَفْسِهِ لِشَرَفِهِ، وَسَهْمُ اللَّهِ وَسَهْمُ رَسُولِهِ وَاحِدٌ.
وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ أَمْرُ الْمَسَاجِدِ، وَالْمَشَاهِدِ الرِّبَاطَاتِ، وَالْمَنَازِلِ الَّتِي يَنْتَابُهَا النَّاسُ لِإِقَامَةِ عِبَادَةٍ، أَوْ لِنَفْعٍ وَارْتِفَاقٍ، وَالْآبَارِ، وَالْحِيَاضِ الْمُسْبَلَةِ فِي الْمَفَاوِزِ، وَلَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِمَّنْ يَأْتِيهَا شَيْئًا إِلا أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ رَجُلٌ، أَوْ يُعْطِيهِ شَيْئًا عَلَى قِيَامِهِ بِمَصَالِحِهِ مِنْ سَقْيِ مَاءٍ، أَوْ تَنْظِيفِ مَكَانٍ، أَوْ نَحْوِهِ.
قَالَ الإِمَامُ: وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّهُ لَا يَسْتَلِمُ إِلا الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ، وَالرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ، وَرُوِيَ عَنْ مُعَاوِيَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا، وَقَالَ: لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الْبَيْتِ مَهْجُورًا، وَكَذَلِكَ ابْنُ الزُّبَيْرِ كَانَ يَمْسَحُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute