ثُمَّ أَذَّنَ بِلَال، ثُمَّ أَقَامَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ، فَصَلَّى الْعَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ، فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَاتِ، وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ.
الْقَصْوَاءُ: مَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ، قَالَ أَبُو زَيْدٍ: هِيَ الْمَقْطُوعَةُ طَرَفَ الْأُذُنِ، وَالذَّكَرُ مِنْهَا مُقَصًّى وَمَقْصُوٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ: أَقْصَى مِثْلَ عَشْوَاءٍ وَأَعْشَى.
قَالَ الإِمَامُ: وَهَذَا الْجَمْعُ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ بَعْدَ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، مَعَ إِمَامِ الْحَاجِّ لِمَنْ جَاءَ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ.
وَلَوْ تَرَكَ رَجُلٌ الْجَمْعَ، وَصَلَّى كُلَّ صَلاةٍ فِي وَقْتِهَا الْمَعْهُودِ، جَازَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، وَاتِّبَاعُ السُّنَّةِ أَفْضَلُ.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْمُزْدَلِفَةَ، فَعَلَيْهِ الإِعَادَةُ، وَجَوَّزُوا أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ كُلُّ صَلاةٍ فِي وَقْتِهَا مَعَ الْكَرَاهِيَةِ، وَلَمْ يُوجِبُوا الإِعَادَةَ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي جَوَازِ هَذَا الْجَمْعِ لِأَهْلِ مَكَّةَ، وَلِمَنْ جَاءَ أَقَلَّ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِهِ لِمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ، وَلَمْ يَشْهَدِ الصَّلاةَ مَعَ الإِمَامِ.
أَمَّا الْقَصْرُ، فَيَجُوزُ لِمَنْ جَاءَ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَلا يَجُوزُ لِأَهْلِ مَكَّةَ، وَلا لِمَنْ جَاءَ مِنْ أَقَلِّ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، بَلْ إِذَا كَانَ الإِمَامُ مُسَافِرًا، وَسَلَّمَ عَنْ ثِنْتَيْنِ، يُسَلِّمُ مَعَهُ الْمُسَافِرُونَ، وَيَقُومُ أَهْلُ مَكَّةَ، فَيُتِمُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute