الْجَزَّارَ مِنْهَا»، قَالَ: «نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا».
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ.
قَالَ الإِمَامُ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا ذَبَحَهُ قُرْبَةً إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهُ، فَإِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمْ يُجَوِّزْ أَنْ يُعْطِيَ الْجَزَّارَ شَيْئًا مِنْ لَحْمِ هَدْيِهِ، لِأَنَّهُ يُعْطِيهِ بِمُقَابَلَةِ عَمَلِهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا ذَبَحَهُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ أُضْحِيَةٍ، وَعَقِيقَةٍ، وَنَحْوِهَا.
وَهَذَا إِذَا أَعْطَاهُ عَلَى مَعْنَى الْأُجْرَةِ، فَأَمَّا أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْهُ، فَلا بَأْسَ بِهِ، هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: لَا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَ الْجَازِرَ الْجَلْدَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَشُقُّ مِنَ الْجِلالِ إِلا مَوْضِعَ السَّنَامِ، وَإِذَا نَحَرَهَا، نَزَعَ جِلالَهَا مَخَافَةَ أَنْ يُفْسِدَهَا الدَّمُ، ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِهَا.
وَقَالَ مَالِكٌ: عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، إِنَّهُ كَانَ يُجَلِّلُ بُدْنَهُ الْقَبَاطِيَّ، وَالْأَنْمَاطَ، وَالْحِلَلَ، ثُمَّ يَبْعَثُ بِهَا إِلَى الْكَعْبَةِ، فَيَكْسُوهَا.
وَسَأَلَ مَالِكٌ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دِينَارٍ: مَا كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَصْنَعُ بِجِلالِ بُدْنِهِ حِينَ كُسِيَتِ الْكَعْبَةُ هَذِهِ الْكِسْوَةَ؟ فَقَالَ: كَانَ يَتَصَدَّقُ بِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute