للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَوْ أَخَّرَهُ إِلَى مَا بَعْدِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ عَلَيْهِ دَمًا.

قَالَ الإِمَامُ: وَلِلْحَجِّ تَحَلُّلانِ، وَأَسْبَابُ التَّحَلُّلِ ثَلاثَةٌ: رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَالْحَلْقُ، وَالطَّوَافُ، فَإِذَا أَتَى بِشَيْئَيْنِ مِنْ هَذِهِ الثَّلاثِ، فَقَدْ حَصَلَ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ، وَحَلَّ لَهُ جَمِيعُ مَحْظُورَاتِ الإِحْرَامِ إِلا النِّسَاءَ، وَإِذَا أَتَى بِالثَّلاثِ حَلَّ لَهُ النِّسَاءُ، هَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَ الْحَلْقَ نُسُكًا، وَعَدَّهُ مِنْ أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ، فَأَمَّا مَنْ جَعَلَهُ مِنْ بَابِ اسْتِبَاحَةِ الْمَحْظُورِ، قَالَ: إِذَا رَمَى، فَقَدْ حَصَلَ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ، وَحَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلا النِّسَاءَ، وَإِذَا رَمَى وَطَافَ، حَلَّ لَهُ النِّسَاءُ.

وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، وَذَبَحَ، وَحَلَقَ، حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ حُرِّمَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الإِحْرَامِ، إِلا النِّسَاءَ وَالطِّيبِ، وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَبِهِ قَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَحِلُّ لَهُ النِّسَاءُ، وَالطِّيبُ، وَالصَّيْدُ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ.

وَذَهَبَ أَكْثَرُهُمْ إِلَى أَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ الطِّيبُ أَيْضًا إِلا النِّسَاءَ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ، بِطِيبٍ فِيهِ مِسْكٌ»، وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>