للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَا الْبَدَّاحِ بْنَ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ، أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أرْخَصَ لِرِعَاءِ الإِبِلِ فِي الْبَيْتُوتَةِ عَنْ مِنًى يَرْمُونَ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ يَرْمُونَ الْغَدَ وَمِنْ بَعْدِ الْغَدِ لِيَوْمَيْنِ، ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفْرِ».

قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

قَالَ الإِمَامُ: مَعْنَى قَوْلِهِ: «يَرْمُونَ الْغَدَ وَمِنْ بَعْدِ الْغَدِ»، أَيْ: يَرْمُونَ الْغَدَ إِنْ شَاءُوا لِيَوْمَيْنِ، أَوْ لَا يَرْمُونَ الْغَدَ، وَيَرْمُونَ بَعْدَ الْغَدِ لِلْغَدِ، وَلِمَا بَعْدَهُ.

قَالَ الإِمَامُ: قَدْ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ سِقَايَةِ الْحَاجِّ بَعْدَ مَا رَمَوْا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ، أَنْ يَدَعُوا الْمَبِيتَ بِمِنًى لَيَالِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَكَذَلِكَ رَخَّصَ فِيهِ لِرِعَايَةِ الإِبِلِ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ مَنْ كَانَ لَهُ مَتَاعٌ، وَيَخْشَى عَلَيْهِ، أَوْ مَرِيضٌ يُرِيدُ تَعَهُّدَهُ، جَازَ لَهُ تَرْكُ الْمَبِيتِ بِهَا.

وَلا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي يَلِي السِّقَايَةَ مِنْ أَوْلادِ الْعَبَّاسِ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الرُّخْصَةَ مُخْتَصَّةٌ بِهِمْ، وَيَجُوزُ لِهَؤُلاءِ أَنْ يَجْمَعُوا رَمْيَ يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَلا رُخْصَةَ لَهُمْ فِي تَرْكِ يَوْمَيْنِ عَلَى التَّوَالِي، وَاخْتَلَفُوا فِي تَعْيِينِ الْيَوْمِ الَّذِي يَرْمِي فِيهِ، فَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّهُ يَرْمِي يَوْمَ النَّحْرِ، وَيَتْرُكُ يَوْمَ الْقِرِّ، ثُمَّ يَرْمِي يَوْمَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ لِلْيَوْمِ الَّذِي مَضَى، وَلِلَّذِي فِيهِ، وَقَالَ: لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي أَحَدٌ شَيْئًا حَتَّى تَجِبَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ رَمَى يَوْمَ الْقِرِّ لِذَلِكَ الْيَوْمِ وَلِمَا بَعْدَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَ، فَرَمَى يَوْمَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ لِلْيَوْمَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>