أَصَبْتَ حَلْقَهُ، وَوَجَهْتُهُ إِذَا أَصَبْتَ وَجْهَهُ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَكَذَا يُرْوَى عَلَى فَعْلَى، وَقِيَاسُهُ فِي الْكَلامِ عُقْرًا وَحُلْقًا، كَقَوْلِهِمْ: تُعْسًا وَنُكْسًا عَلَى مَذْهَبِ الدُّعَاءِ، يَعْنِي: عَثَرَهَا اللَّهُ عَثْرًا وَقِيلَ: هُوَ صَحِيحٌ، مَعْنَاهُ: جَعَلَهَا اللَّهُ عَقْرَى حَلْقَى، وَقِيلَ: هُوَ دُعَاءٌ عَلَيْهَا بِأَنْ تُعْقَرَ، أَيْ: تَصِيرُ عَاقِرًا لَا تَلِدُ.
وَأَمَّا حَلْقَى، يُقَالُ: أَصْبَحَتْ أُمُّهُ حَالِقًا، أَيْ: ثَاكِلًا حَتَّى تَحْلِقَ شَعْرَهَا.
وَعَلَى الْوُجُوهِ كُلِّهَا، فَإِنَّهُ دُعَاءٌ لَا يُرَادُ بِهِ وُقُوعَهُ، إِنَّمَا هُوَ عَادَةٌ بَيْنَهُمْ، كَقَوْلِهِمْ لَا أَبَا لَكَ، وَتَرِبَتْ يَمِينُكَ، وَنَحْوَهَا، قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: يُقَالُ لِلْأَمْرِ تَعْجَبُ مِنْهُ: عَقْرَى وَحَلْقَى.
قَالَ الإِمَامُ: الطَّوَافُ ثَلاثٌ: طَوَافُ الْقُدُومِ، وَهُوَ سُنَّةٌ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ، وَطَوَافُ الإِقَامَةِ، وَيُسَمَّى طَوَافَ الزِّيَارَةِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ لَا يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بِدُونِهِ، وَلا يَقُومُ الدَّمُ مَقَامَهُ.
وَالثَّالِثُ: طَوَافُ الْوَدَاعِ، لَا رَخْصَةَ فِي تَرْكِهِ لِمَنْ أَرَادَ مُفَارَقَةَ مَكَّةَ إِلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، مَكِّيًّا كَانَ أَوْ آفَاقِيًّا، حَجَّ أَوْ لَمْ يَحُجَّ، فَإِنْ خَرَجَ، وَلَمْ يَطُفْ، رَجَعَ إِنْ كَانَ قَرِيبًا، رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَدَّ رَجُلا مِنْ مَرِّ الظَّهْرَانِ لَمْ يَكُنْ وَدَّعَ الْبَيْتَ.
وَلَوْ مَضَى وَلَمْ يَرْجِعْ، فَلا دَمَ عَلَيْهِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَبِهِ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَنْ تَرَكَهُ، فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ إِلا الْمَرْأَةَ الْحَائِضَ أَوِ النُّفَسَاء َ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَنْفِرَ، وَتَتْرُكَ طَوَافَ الْوَدَاعِ، وَلا دَمَ عَلَيْهَا، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَرَوَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ إِذَا حَجَّتْ وَمَعَهَا نِسَاءٌ تَخَافُ أَنْ يَحِضْنَ، قَدَّمَتْهُنَّ يَوْمَ النَّحْرِ، فَأَفَضْنَ، فَإِنْ حِضْنَ بَعْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute