وَرُوِيَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ: «أَوُ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ فَرَقًا مِنْ زَبِيبٍ»، فَثَبَتَ بِاخْتِلافِ الرِّوَايَاتِ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْوَاعِ الطَّعَامِ فِي الْقِدْرِ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِدْيَةَ الْأَذَى مُخَيَّرَةٌ، يَتَخَيَّرُ الرَّجُلُ فِيهَا بَيْنَ الْهَدْيِ، وَالإِطْعَامِ، وَالصِّيَامِ، عَلَى مَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ، وَلا فَرْقَ فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ بِعُذْرٍ، أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ، إِنْ حَلَقَ بِغَيْرِ عُذْرٍ، فَعَلَيْهِ دَمٌ إِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ لَا غَيْرَ، وَكَذَلِكَ فِدْيَةُ قَلْمِ الْأَظْفَارِ عَلَى التَّخْيِيرِ وَالتَّقْدِيرِ كَفِدْيَةِ الْحَلْقِ، وَجَزَاءُ الصَّيْدِ عَلَى التَّخْيِيرِ وَالتَّعْدِيلِ، فَإِنْ شَاءَ ذَبَحَ الْمِثْلَ، أَوْ قَوَّمَ الْمِثْلَ دَرَاهِمَ، وَالدَّرَاهِمَ طَعَامًا، فَتَصَدَّقَ بِهِ، أَوْ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا.
أَمَّا فِدْيَةُ الاسْتِمْتَاعَاتِ، فَعَلَى التَّرْتِيبِ وَالتَّعْدِيلِ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ سَتَرَ رَأْسَهُ، أَوْ لَبِسَ مَا لَا يَجُوزُ لُبْسُهُ، أَوْ دَهَنَ رَأْسَهُ، أَوْ تَطَيَّبَ، أَوْ بَاشَرَ بِغَيْرِ جِمَاعٍ، فَعَلَيْهِ دَمُ شَاةٍ يَتَصَدَّقُ بِلَحْمِهَا عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الشَّاةِ، قَوَّمَ الشَّاةَ دَرَاهِمَ، وَالدَّرَاهِمَ طَعَامًا، فَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الإِطْعَامِ، صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا.
وَكَذَلِكَ الْجِمَاعُ فِدْيَتُهُ عَلَى التَّرْتِيبِ وَالتَّعْدِيلِ، غَيْرَ أَنَّ حُكْمَهُ أَغْلَظُ مِنْ سَائِرِ الاسْتَمْتَاعَاتِ، فَإِنْ جَامَعَ قَبْلَ التَّحَلُّلِ، فَسَدَ حَجُّهُ، وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ، سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أَوْ قَبْلَهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بَدَنَةِ فَبَقَرَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بَقَرَةً فَسَبْعٌ مِنَ الْغَنَمِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، قَوَّمَ الْبَدَنَةَ دَرَاهِمَ وَالدَّرَاهِمَ طَعَامًا، فَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ مِنَ الطَّعَامِ يَوْمًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute