عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ لَهَا: «لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الْحَجَّ؟» قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَجِدُنِي إِلا وَجِعَةً، فَقَالَ لَهَا: " حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي "، وَكَانَتْ تَحْتَ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ.
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلاءِ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الاشْتِرَاطِ فِي الْحَجِّ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى الرُّخْصَةِ فِيهِ، وَقَالَ: إِذَا أَحْرَمَ، وَشَرَطَ أَنْ يَخْرُجَ بِعُذْرِ كَذَا، يَنْعَقِدُ إِحْرَامُهُ، وَلَهُ الْخُرُوجُ بِالْعُذْرِ الَّذِي سَمَّى، لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ.
وَهَؤُلاءِ يَقُولُونَ: لَا يُبَاحُ التَّحَلُّلُ بِعُذْرٍ سِوَى حَصْرِ الْعَدُوِّ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، لِأَنَّ التَّحَلُّلَ لَوْ كَانَ مُبَاحًا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لِمَا كَانَتْ تَحْتَاجُ ضُبَاعَةُ إِلَى الشَّرْطِ.
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ إِحْرَامَهُ مُنْعَقِدٌ، وَلا يُبَاحُ لَهُ التَّحَلُّلُ بِالشَّرْطِ، كَمَنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا.
وَجَعَلُوا ذَلِكَ رُخْصَةً خَاصَّةً لِضُبَاعَةَ، كَمَا أَذِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ فِي رَفْضِ الْحَجِّ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِمْ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُحْصَرَ يَحِلُّ حَيْثُ يُحْبَسُ، مِنْ حِلٍّ أَوْ حَرَمٍ لِقَوْلِهِ: «مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute