للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنَّ النَّهْيَ مَصْرُوفٌ إِلَى مَا نَبَتَ مِنْ غَيْرِ غَرْسٍ آدَمِيٍّ، وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِإِنْبَاتِهِ كَالْأَرَاكِ، وَالطَّرْفَاءِ، وَالْغَضَى، وَنَحْوَهَا.

فَأَمَّا مَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِإِنْبَاتِهِ، كَالْفَوَاكِهِ، وَالْخِلافِ، وَالْعَرْعَرِ، وَالصَّنَوْبَرِ وَنَحْوَهَا، فَلا بَأْسَ بِقَطْعِهَا، كَمَا أَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ عَنْ قَتْلِ الصَّيْدِ غَيْرُ مُمْنُوعٍ عَنْ ذَبْحِ النَّعَمِ وَالْحَيَوَانِ الإِنْسِيَةِ.

وَإِذَا قَطَعَ شَيْئًا مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ، فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْقَاطِعُ حَلالا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَطَاءٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ.

فَعَلَيْهِ فِي الشَّجَرَةِ الْكَبِيرَةِ بَقَرَةٌ، وَفِي الصَّغِيرَةِ شَاةٌ، يَتَخَيَّرُ فِيهَا بَيْنَ أَنْ يَذْبَحَهَا، فَيَتَصَدَّقُ بِلَحْمِهَا عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ، وَبَيْنَ أَنْ يُقَوِّمَهَا دَرَاهِمَ، وَالدَّرَاهِمَ طَعَامًا، فَيَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ.

أَوْ يَصُومَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا كَمَا فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُضْمَنُ شَجَرُ الْحَرَمِ، وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ.

أَمَّا إِذَا قَطَعَ غُصْنًا مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُسْتَخْلَفُ، فَلا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُسْتَخْلَفُ، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، فَيُصْرِفُهَا إِلَى الطَّعَامِ، فَيَتَصَدَّقُ بِهِ أَوْ يَصُومُ.

قَوْلُهُ: «وَلا يَنْفِرُ صَيْدُهُ»، مَعْنَاهُ: لَا يَتَعَرَّضُ لَهُ بِالاصْطِيَادِ، وَلا يُهَاجُ، فَإِنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ صَيْدِ الْحَرَمِ، فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُحْرِمِ يُصِيبُ الصَّيْدَ، رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ غُلامًا مِنْ قُرَيْشٍ قَتَلَ حَمَامَةً مِنْ حَمَامِ مَكَّةَ، فَأَمَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنْ يُفْدَى عَنْهُ بِشَاةٍ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا مَدْخَلَ لِلصَّوْمِ فِي جَزَاءِ صَيْدِ الْحَرَمِ.

قَوْلُهُ: «وَلا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلا مَنْ عَرَّفَهَا»، وَيُرْوَى: «وَلا يَحِلُّ لقطتهَا إِلا لِمُنْشِدٍ»، أَيِ: الْمُعَرِّفِ، فَالْمُنْشِدُ: الْمُعَرَّفُ، وَالنَّاشِدُ: الطَّالِبُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>