عَنْ جَابِرٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «دَخَلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عَمَامَةٌ سَوْدَاءُ».
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ.
قَالَ الإِمَامُ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الإِحْرَامُ لِدُخُولِ مَكَّةَ، وَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الإِحْرَامُ لِدُخُولِهَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ، كَالْمَكِّيِّ يَخْرُجُ مِنَ الْحَرَمِ، ثُمَّ يَدْخُلُ، لَا يَلْزَمُهُ الإِحْرَامُ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الإِحْرَامُ، وَقَالَ قَوْمٌ: يَجِبُ عَلَى غَيْرِ الْحَطَّابِينَ، وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَى مَنْ دَارُهُ وَرَاءَ الْمِيقَاتِ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ.
وَفِي أَمْرِهِ بِقَتْلِ ابْنِ خَطْلٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَرَمَ لَا يَعْصِمُ مِنْ إِقَامَةِ عُقُوبَةٍ وَجَبَتْ عَلَى إِنْسَانٍ، وَلا يُوجِبُ تَأْخِيرَهَا، وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ خَطْلٍ كَانَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهٍ مَعَ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَأَمَّرَ الْأَنْصَارِيَّ عَلَيْهِ، فَلَمَّا كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، وَثَبَ عَلَى الْأَنْصَارِيِّ، فَقَتَلَهُ، وَذَهَبَ بِمَالِهِ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِ لِخِيَانَتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute