للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي صَيْدِ الْمَدِينَةِ، وَشَجَرِهَا، فَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ: لَا جَزَاءَ عَلَى مَنِ اصْطَادَ فِي الْمَدِينَةِ صَيْدًا، أَوْ قَطَعَ شَجَرًا.

وَقَالَ قَوْمٌ: تَحْرِيمُ الْمَدِينَةِ إِنَّمَا هُوَ تَعْظِيمُ حُرْمَتِهَا دُونَ تَحْرِيمِ صَيْدِهَا وَشَجَرِهَا، وَاحْتَجُّوا بَحَدِيثِ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِأَخٍ لَهُ صَغِيرٍ: «يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟»، وَالنُّغَيْرُ: صَيْدٌ، وَلَوْ كَانَ صَيْدُ الْمَدِينَةِ حَرَامًا لَمْ يَحِلَّ اصْطِيَادُهُ بِالْمَدِينَةِ، وَلَأَنْكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ.

وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى تَحْرِيمِ شَجَرِهَا دُونَ صَيْدِهَا لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى تَحْرِيمِهَا جَمِيعًا، وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ عَلَى طَائِرٍ أُخِذَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ أُدْخِلَ الْمَدِينَةَ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ يَرَى الْجَزَاءَ عَلَى مَنْ قَتَلَ شَيْئًا مِنْ صَيْدِ الْمَدِينَةِ، أَوْ قَطَعَ شَيْئًا مِنْ شَجَرِهَا، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لابَتَيِ الْمَدِينَةِ أَنْ يُقْطَعَ عِضَاهُهَا، أَوْ يُقْتَلَ صَيْدُهَا».

وَرُوِيَ أَنَّ سَعْدًا، وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ كَانُوا يَرَوْنَ صَيْدَ الْمَدِينَةِ حَرَامًا، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَوْ رَأَيْتُ الظِّبَاءَ تَرْتَعُ بِالْمَدِينَةِ مَا ذَعَرْتُهَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا حَرَامٌ»، وَوَجَدَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ غِلْمَانًا قَدْ أَلْجَأُوا ثَعْلَبًا إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>