وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ»، فَلَيْسَ مَعْنَاهُ مَعْنَى الشَّرْطِ حَتَّى يَجُوزَ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ غَيْرَ مَوَالِيهِ إِذَا أَذِنُوا لَهُ فِيهِ، لِأَنَّ الْوَلاءَ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يَنْتَقِلُ بِحَالٍ، كَمَا لَا يَنْتَقِلُ النَّسَبُ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَعْنَى التَّوْكِيدِ لِتَحْرِيمِهِ وَالتَّنْبِيهِ عَلَى مَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ، يُرِيدُ: إِذَا سَوَّلَتْ لَهُ نَفْسُهُ فِعْلَ هَذَا الصَّنِيعِ فَلا يَفْعَلْهُ مُسْتَسِرًّا بِهِ عَنْ أَوْلِيَائِهِ، بَلْ يُخْبِرُهُمْ وَيَسْتَأْذِنُهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا اسْتَأْذَنَ أَوْلِيَاءَهُ فِي مُوَالاةِ غَيْرِهِمْ، مَنَعُوهُ عَنْ ذَلِكَ، وَإِذَا اسْتَبَدَّ بِهِ دُونَهُمْ خَفِيَ عَلَيْهِمْ أَمْرُهُ، وَرُبَّمَا يُعْرَفُ عِنْدَ طُولِ الْمُدَّةِ، وَامْتِدَادِ الزَّمَنِ بِوَلاءِ مَنِ انْتَقَلَ إِلَيْهِمْ، فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِبُطْلانِ حَقِّ مَوَالِيهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الإِمَامُ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ صَيْدَ وَجٍّ وَعِضَاهَهُ حَرَامٌ مُحَرَّمٌ لِلَّهِ»، وَوَجٌّ: ذَكَرُوا أَنَّهَا مِنْ نَاحِيَةِ الطَّائِفِ، وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الإِمْلاءِ أَنَّهُ لَا يُصَادُ فِيهِ، وَلا يُعْضَدُ شَجَرُهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ضَمَانًا، وَقَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ: مَنْ فَعَلَهُ يُؤَدِّبُهُ الْحَاكِمُ.
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: لَسْتُ أَعْلَمُ لِتَحْرِيمِهِ «وَجًّا» مَعْنَى، إِلا أَنْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ الْحِمَى لِنَوْعٍ مِنْ مَنَافِعِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ التَّحْرِيمُ إِنَّمَا كَانَ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ، وَفِي مُدَّةٍ مَحْصُورَةٍ، ثُمَّ نُسِخَ، فَعَادَ الْأَمْرُ إِلَى الإِبَاحَةِ كَسَائِرِ بِلادِ الْحِلِّ.
قَالَ الإِمَامُ، رَحِمَهُ اللَّهُ: وَفِي هَذَا الْمَعْنَى النَّقِيعُ حَمَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute