وَسُئِلَ الْحَسَنُ عَنْ جَارٍ عَرِّيفٍ يُهْدِي إِلَيَّ، فَأَقْبَلُ؟ أَوْ أَوْلَمَ فَدَعَانِي فَآكُلُ؟ قَالَ: نَعَمْ لَكَ مَهْنَؤُهَا، وَعَلَيْهِ وِزْرُهَا.
وَمِثْلُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمَكْحُولٍ، وَالزُّهْرِيِّ، قَالُوا: إِذَا كَانَ الْمَالُ فِيهِ الْحَلالُ وَالْحَرَامُ، فَلا بَأْسَ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْهُ، إِلا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الَّذِي يُطْعِمُهُ أَوْ يُهْدِيهِ إِلَيْهِ حَرَامٌ بِعَيْنِهِ، فَلا يَحِلُّ.
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ: لَا تَسْأَلِ السُّلْطَانَ، فَإِنْ أَعْطَوْكَ عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ، فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، فَإِنَّهُمْ يُصِيبُونَ مِنَ الْحَلالِ أَكْثَرَ مِمَّا يُعْطُونَكَ.
وَكَانَ الْمُخْتَارُ يَبْعَثُ إِلَى ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ فَيَقْبَلانِهِ.
وَبَعَثَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فِي الْفِتْنَةِ فِي قِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مَالا فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ، فَلَمَّا ذَهَبَتِ الْفِتْنَةُ بَعَثَ إِلَيْهِ فَقَبِلَهُ.
وَأَمَرَ الْحَجَّاجُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي رَمَضَانَ، فَلَمَّا فَرَغَ كَسَاهُ بُرْنُسًا مِنْ خَزٍّ أَسْوَدَ فَلَبِسَهُ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَأْخُذُ جَوَائِزَ السُّلْطَانِ.
وَكَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ لَا يَأْخُذُهَا.
وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ لَا يَقْبَلُ.
وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ لَا يَقْبَلُ جَوَائِزَ السُّلْطَانِ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: قَدْ رَدَّهَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي عَلَى مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُمْ.
قَالَ الإِمَامُ: وَجُمْلَةُ الشُّبَهِ الْعَارِضَةِ فِي الأُمُورِ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا هُوَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَهُوَ مَا لَا يُعْرَفُ لَهُ أَصْلٌ فِي تَحْلِيلٍ وَلا تَحْرِيمٍ، فَالْوَرَعُ تَرْكُهُ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ لَهُ أَصْلٌ فِي التَّحْلِيلِ أَوِ التَّحْرِيمِ، فَعَلَيْهِ التَّمَسُّكَ بِالأَصْلِ، وَلا يَنْزِلُ عَنْهُ إِلا بِيَقِينِ عِلْمٍ.
وَذَلِكَ مِثْلُ الرَّجُلِ يَتَطَهَّرُ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ يَشُكُّ فِي الْحَدَثِ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي مَا لَمْ يَعْلَمِ الْحَدَثَ يَقِينًا.
وَكَذَلِكَ الْمَاءُ