للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْخِيَارُ إِذَا كَانَ مَغْبُونًا، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إِذَا كَانَ غَبْنًا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ.

قَالَ الإِمَامُ: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ شَرْطِ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ.

وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ شَرَطَ أَكْثَرَ مِنْهَا، فَسَدَ الْبَيْعُ.

وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ، لأَنَّ الْخِيَارَ يَمْنَعُ مَقْصُودَ الْبَيْعِ، فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ.

غَيْرَ أَنَّهُ جَوَّزَ خِيَارَ الثَّلاثِ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ اشْتَرَى مُصَرَّاةً، فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ»، فَلا يَجُوزُ أَنْ يُزَادَ عَلَيْهَا إِلا بِخَبَرٍ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: يَجُوزُ زَائِدًا بَعْدَ أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ مَعْلُومَةً كَالأَجَلِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ.

وَقَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ قَدْرَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ فِي مَعْرِفَةِ الْمَبِيعِ، فَفِي الثَّوْبِ يَوْمَانِ وَثَلاثَةٌ، وَفِي الْحَيَوَانِ أُسْبُوعٌ وَنَحْوُهُ، وَفِي الدُّورِ شَهْرٌ وَنَحْوُهُ، وَفِي الضَّيْعَةِ سَنَةٌ وَنَحْوُهَا.

وَلا يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ فِي كُلِّ عَقْدٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبْضُ الْعوضَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ، مِثْلُ عَقْدِ الصَّرْفِ، وَبَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ، وَلا فِيمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبْضُ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ، وَهُوَ عَقْدُ السَّلَمِ، لأَنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ فِيهَا لِكَيْ يَتَفَرَّقَا عَنْ عَقْدٍ لازِمٍ لَا عِلاقَةَ بَيْنَهُمَا، وَشَرْطُ الْخِيَارِ يَنْفِي هَذَا الْمَعْنَى.

وَلا يَجُوزُ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي عَقْدِ الإِجَارَةِ عَلَى أَصَحِّ الْوُجُوهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>