للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذَكَرُوهُ خِلافَ قَضِيَّةِ الْعُقُودِ، فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ شِقْصًا مِنْ رُبْعٍ مَشْفُوعًا وَثَوْبًا بِمِائَةٍ، وَقِيمَةُ الشِّقْصِ مَثَلا قِيمَةُ الثَّوْبِ، أَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِثُلُثَيِ الْمِائَةِ، فَعَلَى قَضِيَّةِ هَذَا يَلْزَمُ مَنْ جَوَّزَ بَيْعَ مَالِ الرِّبَا بِجِنْسِهِ مَعَ غَيْرِهِ أَنْ يَقُولَ: لَوْ بَاعَ شِقْصًا مَشْفُوعًا وَصَاعَ بُرٍّ بِصَاعَيْ بُرٍّ، وَقِيمَةُ الشّقْصِ قيمةُ الصَّاعِ، يَأْخُذُ الشَّفِيعُ الشَّقْصَ بِثُلُثَيِ الصَّاعَيْنِ، وَحِينَئِذٍ يَبْقَى صَاعٌ بِمُقَابَلَةِ ثُلُثَيْ صَاعٍ، وَبِالاتِّفَاقِ لَوْ بَاعَ صَاعَ بُرٍّ بِثُلُثَيْ صَاعٍ يَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا.

فَأَمَّا إِذَا بَاعَ فِضَّةً وَسِلْعَةً بِذَهَبٍ فَجَائِزٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ أَصَحُّ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ: إِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنَ اخْتِلافِ الْحُكْمِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ التَّقَابُضَ فِيمَا يُقَابِلُ الْفِضَّةَ مِنَ الذَّهَبِ شَرْطٌ، وَفِيمَا يُقَابِلُ السِّلْعَةَ لَيْسَ بِشَرْطٍ.

وَكَذَلِكَ كُلُّ صَفْقَةٍ جَمَعَتْ مُخْتَلِفِي الْحُكْمِ بِأَنْ جَمَعَ بَيْنَ بَيْعِ وَسلم، أَوْ بَيْعِ عَيْنٍ وَإِجَارَةٍ، فَلَهُ فِي صِحَّتِهَا قَوْلانِ أَصَحُّهُمَا: الْجَوَازُ.

وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ دَرَاهِمَ وَسِلْعَةٍ بِدِينَارٍ، إِلا أَنْ تَكُونَ الدَّرَاهِمُ يَسِيرَةً، وَهَذَا لَا وَجْهَ لَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوْ بَاعَ مُدَّ عَجْوَةٍ وَمُدَّ صَيْحَانِيٍّ بِمُدَّيْ عَجْوَةٍ، أَوْ بِمُدَّيْ صَيْحَانِيٍّ، أَوْ بمُدِّ عَجْوَةٍ وَمُدِّ صَيْحَانِيٍّ، أَوْ راطل مِائَةَ دِينَارٍ عُتُقٍ مَروَانِيَّةٍ وَمِائَةَ دِينَارٍ مِنْ ضَرْبٍ مَكْرُوهٍ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ مِنْ ضَرْبٍ وَسَطٍ، لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ الْوَزْنُ وَاحِدًا.

هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَجَمَاعَةٍ، لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ اخْتِلافِ النَّوْعِ فِي أَحَدِ شِقَّيِ الْعَقْدِ يُوجِبُ تَوْزِيعَ مَا فِي مُقَابَلَتِهِ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، وَعِنْدَ التَّوْزِيعِ رُبَّمَا يَظْهَرُ الْفَضْلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>