إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ «نَهَى أَنْ يُبَاعَ حَيٌّ بِمَيِّتٍ».
قَالَ: فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ، فَأُخْبِرْتُ عَنْهُ خَيْرًا.
قَالَ الإِمَامُ: حَدِيثُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَإِنْ كَانَ مُرْسَلا، لَكِنَّهُ يَتَقَوَّى بِعَمَلِ الصَّحَابَةِ، وَاسْتَحْسَنَ الشَّافِعِيُّ مُرْسَلَ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَى تَحْرِيمِهِ.
رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ جَزُورًا نُحِرَتْ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَجَاءَ رَجُلٌ بِعَنَاقٍ، فَقَالَ: أَعْطُونِي جُزْأً بِهَذَا الْعَنَاقِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَصْلُحُ هَذَا.
وَكَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يُحَرِّمُونَ بَيْعَ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ عَاجِلا وَآجِلا.
وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: كُلُّ مَنْ أَدْرَكْتُهُ مِنَ النَّاسِ يَنْهَوْنَ عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ.
وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، سَوَاءً كَانَ اللَّحْمُ مِنْ جِنْسِ ذَاكَ الْحَيَوَانِ، أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَسَوَاءً كَانَ الْحَيَوَانُ مِمَّا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ أَوْ لَا يُؤْكَلُ.
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى إِبَاحَةِ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ، وَاخْتَارَ الْمُزَنِيُّ جَوَازَهُ إِذَا لَمْ يَثْبُتِ الْحَدِيثُ، وَكَانَ فِيهِ قَوْلٌ مُتَقَدِّمٌ، مِمَّن يَكُونُ بِقَوْلِهِ اخْتِلافٌ، لأَنَّ الْحَيَوَانَ لَيْسَ بِمَالِ الرِّبَا، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ حَيَوَانٍ بِحَيَوَانَيْنِ، فَبَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ بَيْعُ مَالِ الرِّبَا بِمَا لَا رِبًا فِيهِ، فَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْقِيَاسِ إِلا أَنْ يَثْبُتَ الْحَدِيثُ، فَنَأْخُذَ بِهِ، وَنَدَعَ الْقِيَاسَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute