للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِلَى أَنَّ بَيْعَ الثَّمَرِ جَائِزٌ مُطْلَقًا، سَوَاءً كَانَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلاحِ أَوْ بَعْدَهُ، وَيُؤْمَرُ بِالْقَطْعِ، فَإِنْ بَاعَ بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ، فَلا يَجُوزُ فِي الْحَالَيْنِ.

وَالْخَبَرُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ.

وَلَوْ بَاعَ الثَّمَرَةَ مَعَ الشَّجَرَةِ يَجُوزُ مُطْلَقًا، سَوَاءً كَانَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلاحِ أَوْ بَعْدَهُ، لأَنَّ الثَّمَرَةَ كَالتَّابِعِ لِلشَّجَرَةِ.

وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الزَّرْعِ قَبْلَ اشْتِدَادِ الْحَبِّ إِلا بِشَرْطِ الْقَطْعِ، فَإِنْ بَاعَ مَعَ الأَرْضِ جَازَ مُطْلَقًا.

أَمَّا بَيْعُ الزَّرْعِ بَعْدَ اشْتِدَادِ الْحَبِّ، فَإِنْ كَانَ زَرْعًا تُرَى حَبَّاتُهُ ظَاهِرَةٌ كَالشَّعِيرِ وَالسُّلْتُ يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ لَا تُرَى حَبَّاتُهُ كَالْحِنْطَةِ، وَالذُّرَةِ، وَنَحْوِهَا، فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، لأَنَّ الْمَقْصُودَ، وَهُوَ الْحَبُّ، مُسْتَتِرٌ بِمَا لَيْسَ فِيهِ صَلاحُهُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ.

وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى جَوَازِهِ، كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ فِي الْقِشْرَةِ السُّفْلَى، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.

وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْجَوْزِ، وَاللَّوْزِ، وَالرَّانِجِ، وَنَحْوِهَا فِي الْقِشْرَةِ الْعُلْيَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ.

وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: «حَتَّى يَحْمَرَّ، وَحَتَّى يَسْوَدَّ»، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ «يَبْدُو صَلاحُهُ، حُمْرَتُهُ، وَصُفْرَتُهُ»، فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الاعْتِبَارِ بِحُدُوثِ هَذِهِ الصِّفَةِ فِي الثَّمَرَةِ، لَا إِتْيَانِ الْوَقْتِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ بُدُوِّ الصَّلاحِ فِي الثِّمَارِ غَالِبًا.

وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الاعْتِبَارَ بِالزَّمَانِ، فَإِذَا جَاءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ جَازَ بَيْعُهُ، وَاحْتَجَّ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: «أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>